كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان | لمؤلفيه آرنولد واشنطن ودونا باوندي

+ حجم الخط -

علاج الإدمان 

ملخص كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان لمؤلفه أرنولد واشنطن ودونا باوندي. في واقع الأمر هو أن الشفاء من أي إدمان يعتمد اعتمادا أساسيا على قوة الإرادة. والمؤمن إذا ما لجأ إلى قوة الإرادة قد يخرج من الإدمان مدة أسبوع أو شهر، أو قد تطول المدة عن ذلك، ولكن عاجلا أم آجلا. وعندما تشتد ضغوط الحياة، تصبح مسألة عودة ذلك المدمن إلى الإدمان من جديد أمرا محتملا. 


كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان | لمؤلفيه آرنولد واشنطن ودونا باوندي


أو قد ينجح المدمن في التغلب على شكل من أشكال الإدمان باستعمال قوة الإرادة ليجد نفسه أسيرا لنوع آخر من أنواع الإدمان، كما هو الحال عند سالي التي توقفت عن الشراب، ولكنها استأنفت إساءة استعمال مخدرات الوصفات الطبية أو كما حدث هوارد عندما توقف عن إدمان تناول الطعام ليتحول إلى تعاطي الكوكايين. سلوكيات سلبية مستمرة مثل الرهان بالمال رغم معرفة أن الخسارة هي النتيجة الأكيدة والاستمرار على أمل تدارك ما فات وتعويضه. 


أو شرب المخدرات رغم الحالة المادية والصحية السيئة أو العمل على نحو أكثر من المطلوب لدرجة الاحتراق النفسي وإهمال الحياة بينها أمر مشترك وهو الجانب القهري، حيث يظهر الشخص أمام نفسه وكأنه مجبر على تكرار السلوك وأنه اعتاد عليه أو قد أصبح جزءا منه، لكن في الحقيقة هو غير مجبر إنما هو مدمن 


التعريف بالإدمان 


المدمن لديه منظومة معتقدات خاطئة ويقوم بسلوكيات انهزامية يكون من الصعب عليه التوقف عنها رغم معرفته بنتائجها العكسية كما يكون غير قادر على تحمل الإحباطات، ونلاحظ افتقاره للمهارات اللازمة للتعامل مع المشكلات المعتادة في الحياة، ودائما ما يكون أهم شيء بالنسبة له هو الإشباع الفوري والمباشر لرغباته. الإدمان لا يقتصر على الفئات الفقيرة فقط أو على أفراد لهم صفات معينة، لكن الإدمان من الممكن أن يصيب أي أحد، فجميعنا عرضة لهذا الوباء.



وباء له أشكال كثيرة مثل إدمان الجنس أو القمار أو المخدرات أو العمل أو الطعام أو الكحول أو النيكوتين الذي يوجد فيه أشياء كثيرة منها السجائر. لو نظرنا لهذا الوباء كمرض فله خمسة عوامل. العامل الأول هو منظومة معتقدات الإدمان مثل اعتقادك أنه من حقك الاستمتاع كما تريد بغض النظر عن الأضرار التي تسببها لمن حولك أو بغض النظر عن إهمالهم أو أنك غير كفوء وغير قادر على حل مشاكلك، أو أن هناك أشياء لديها حلول سحرية لمشكلتك. 


أشياء خارج نفسك مثل المخدرات أو الناس أو القمار. أما العامل الثاني للإدمان فهو الشخصية المدمنة نتيجة لوجود المعتقدات التي ذكرناها. تبدأ تظهر بعض السمات أو الصفات الإدمانية في شخصية الإنسان مثل السعي للكمال أو السعي الاستحسان والقبول أو الهروب من المشاعر أو الحساسية المفرطة للنقد والرفض أو العجز عن تحمل الإحباط وخيبة الأمل ومشاعر قلة الحيلة وإهمال الذات والميل إلى العيش في الخداع الذاتي. 


أما العامل الثاني للإدمان فهو عدم كفاية المهارات للتعامل مع المشكلات المعتادة نتيجة للحياة المتسارعة التي نعيش فيها. لا نتعلم سوى القليل جدا من مهارات حل المشكلات ومواجهتها. من المهارات التي لم نتعلمها تحمل الغموض والإحباط وتقييم الخيارات والتواصل المباشر الأمين والصادق الذي يعلمنا التعاون واتخاذ الإجراءات البناءة. يعد غياب هذه المهارات أحد أسباب اللجوء للإدمان، لأن الإدمان يوفر حلولا سريعة بدل حل المشكلات والذي يحتاج لوقت وجهد. 


أما العامل الثالث للإدمان وجود احتياجات عاطفية واجتماعية وروحية غير مشبعة والتي يتسبب غيابها بوجود مشاعر سلبية مزمنة وحالات نفسية سيئة والتي تزداد مع افتقادنا لمهارات مواجهة المشكلات وحلها وعدم تحمل الفشل والإحباط أو البحث عن مصادر للإشباع. أما العامل الخامس للإدمان هو الافتقار إلى المساندة الاجتماعية وغياب الإحساس بالانتماء لشبكة من شبكات المساندة، سواء أكانت أسرة صغيرة أو كبيرة أو مجتمعا أو جماعة حتى يزيد من جاذبية الدعم والراحة التي يقدمها الإدمان.



وتذكر جيدا أن من الأشياء التي يتغذى عليها الإدمان هي الوحدة. العلامات الرئيسية للإدمان أربع دلائل أو أعراض أساسية تفرق بين الحد المقبول للسلوك أو العادة وبين الإدمان. ولو اجتمعوا لديك فاعلم أن لديك مشكلة. 


أولا الاستحواذ الفكري، وهو عدم امتلاك القدرة على منع النفس من التفكير في الشيء محل الإدمان أو منع النفس من التخطيط للحصول عليه. 


وثانيا النتائج السلبية التي تظهر في العمل أو الدخل المادي أو في العلاقة بالأسرة أو الصحة النفسية أو الجسدية وما إلى ذلك. 


وثالثا فقدان السيطرة، فمن أول مرة يدخل فيها الشخص هذا الطريق والمادة أو النشاط الذي يدمره هم من يتحكموا به وليس العكس. 


ورابعا الإنكار مع بدء المشاكل في الازدياد بسبب الإدمان والإهمال يزيد الإنكار لأمرين. أن المخدر أو النشاط الذي تمارسه مشكلة صعب التحكم فيها أو السيطرة عليها. وثانيا أن النتائج السلبية التي ظهرت في حياتك سببها الإدمان. ومشكلة الإنكار أنه يمنعك من تصحيح المشكلة لأنك لا ترى أن هناك مشكلة أصلا، ونتيجة لأن المدمن يعيش مع آخرين، فهو يؤثر على عشرة أشخاص تأثير مباشر وهم من يتفاعلون معهم بصورة منتظمة. 


والسؤال هنا ما الذي يستفيده الشخص من إدمانه أو من تعاطي متغيرات للحالة النفسية أيا كانت المتغيرات تفي ببعض احتياجات الشخص أي تقدم له خدمة وإلا لن يعاود الرجوع لها. ومن هذه الخدمات الخلاص من العزلة لأنها تعمل على تخدير وتغييب الشعور بالوحدة حتى ولو مؤقتة، ولأنها تجعل الشخص يشعر بالانتماء والمشاركة الجماعية إن لم يكن يشعر أيضا بالألفة والمودة مع المدمنين الآخرين. 


الابتعاد عن المشاعر والانصراف عنها حيث إن شاء الله الشخص بأنشطة وطقوس الإدمان فلا يشعر بالمشاعر التي بداخله ولا بالفراغ الذي يسببه الإدمان كما عزله عن اليأس وتبعده عنه وعزله عن المعنى العميق لحياته والهدف منها.


اللذة الكاذبة فهي يتخلى الشخص المدمن عن اللذة والفرح الحقيقيين مقابل لذة مؤقتة يعطيها له الإدمان يتخلص فيها من وعيه وإحساسه بالزمن وهم التحكم والسيطرة. الإدمان يعتبر إشارة للبحث عن القوة في المصادر الخاطئة، في الوقت الذي يعاني فيه الشخص من ضعف السيطرة على حياته وضعف التحكم فيها توفر له متغيرات الحالة النفسية، مشاعر السيطرة والكفاية والقوة، أو بمعنى أدق تمنعه من الشعور بالعجز وقلة الحيلة. كيف يكون لدى الإنسان إرادة لعلاج الإدمان؟ الفشل في التعامل مع الإدمان أساسه ليس المادة التي يتعاطاها الشخص أو الممارسة التي يقوم بها، فمجرد امتناعه عن هذه الأمور لا يعني أنه معافيا. 


المشكلة الحقيقية هي رغبته في تغيير حالته النفسية أو التنفيس عما ما بداخله أو الحصول على لذة، وهو ما يحاول تحقيقه بأي طريقة. وبالتالي الإرادة للشفاء من الإدمان تبدأ بإحداث تغييرات داخلية في نفس الشخص. وفي الأسلوب الذي يعيش به حياته أن يغير الطريقة التي ينظر من خلالها للعالم يغير منظومة معتقداته وطرق معالجته للمشكلات، ويغير طرق إشباعه لاحتياجاته البدنية والعاطفية والاجتماعية والروحية أيضا حتى لا يخرج من إدمان ويدخل في إدمان آخر، والشفاء من الإدمان يكون على ثلاث مراحل. 


أولا التخلص من الإدمان، وكما قلنا تغيير أسلوب الحياة أن يبتعد الشخص عن المادة المخدرة ويتعرف على الإدمان في حياته في نظرته لنفسه ومعتقداته وطريقة اهتمامه بنفسه وعلاقته بالآخرين، ويستبدل كل هذا بأمور صحية، وهو ما يمكن أن يقوم به الشخص من خلال قطع دائرة الإدمان والتوقف عن المخدرات أو الأنشطة أو العلاقات التي يقوم بها كي يخدر مشاعره.


ولا يكون هذا بالتوقف المجرد، بل الابتعاد اتهم ولكي يقوم الشخص بهذا بشكل صحيح فهو بحاجة إلى أن يعترف أمام نفسه بأنه مدمن ويعترف بعجزه عن السيطرة على حياته أو التحكم فيها، وأنه بحاجة إلى اختراق الإنكار الذي يجعله لا يرى الواقع على حقيقته ويتحمل مسؤولية حياته، وفوق كل هذا يقبل ذاته كما هي ويقبل حقيقة إدمانه.


 والمرحلة الثانية هي تجنب المثيرات لأن القرب منها ستجعل الشخص يصرف طاقته ومجهوده في التعامل مع الأعراض الناتجة عن الاقتراب من المخدر وليس تأسيس وبناء شفاء طويل الأجل. 


أما المرحلة الثالثة فهي اتخاذ خطوات حقيقية ناحية الشفاء، وهنا يترجم الشخص قراراته لأفعال واقعية محددة تدور حول إعادة تشكيل حياته اليومية بشكل جديد يستبعد فيه طقوس الإدمان ويكسر دائرة الإدمان كلها. ومن هذا التعرف على شبكة المساندة الأهل مثلا أو الأصدقاء أو جمعية من جمعيات المساعدات الذاتية مثل زمالة المدمنين المجهولين الذين بإمكانهم مساعدته وبإمكانه اللجوء لهم لو زادت لديه رغبة الإدمان كي يسمعوه بدون أن يحكم عليه ويقدموا له المساندة والتشجيع أو يتقاسمون سره مع شخص أمين، 


أو أن يطلب مساعدة متخصص أو يبتعد عن أي شيء له علاقة بـ المخدر أو تذكره به، أو أن يقاطع كل الأشخاص الذين يوفرون له المخدر أو يسهلوا حصوله عليه، أو أن ينظم وقته أو يخلق لنفسه حياة مشبعة تشتمل على الترفيه والترويح والهوايات والمرح. أما المرحلة الرابعة فهي الابتعاد عن الإدمان. 


الابتعاد يعني أن يستمر الإنسان في بعده عن المخدر ويأخذ خطوات فعلية ناحية الشفاء، لأن مجرد التوقف عن تناول المخدر ليس مرادفا للتعافي، فالشخص بحاجة لأخذ خطوات عكس اتجاه الإدمان ولا يظل واقفا مكانه، لأنه من السهل جدا الرجوع للعادات القديمة. وهذه المرحلة من الابتعاد صعبة جدا لأن من السهل على الإنسان التوقف، وليس من السهل الاستمرار في التوقف والبناء فوقه.


فالشخص بحاجة إلى أخذ خطوات إيجابية ومحددة ناحية الشفاء، كما أنه بحاجة إلى أن يرحم نفسه حتى يتقبل طبيعة الإدمان، ويتقبل حقيقة أنه من الممكن أن يسعى للرجوع لمتغيرات الحالة النفسية ثانيا، فلا يجلد نفسه أو يغرق في رثاء الذات الرحمة ستساعده على قبول مرضه والتسليم به ومعرفة ما يسبب له التوتر والضغوط ويجعله يعود ثانية للإدمان، وهو ما سيغير غالبا نظرته للإدمان من أن الشخص سيتحول للأفضل إلى مريض يتماثل للشفاء، كما سيساعده على قبول التعثر والتعلم من أخطائه. إن تعثر. 


أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة التحسن وفيه يقوم الشخص بأكثر من شيء. إدخال مصادر الإشباع الإيجابي في حياته كي يقضي على البريق الكاذب الناتج عن الحلول السريعة مثل الإدمان، ويتغلب على اللذة الوهمية قصيرة الأجل والارتياح قصير الأمد. 


الالتزام بمبادئ إيجابية في حياته مثل الصدق والأمانة بدلا من الإنكار والخداع وتحمل المسؤولية بدلا من الهروب منها ونقل تجربة التعافي لشخص آخر ومساعدته بإمكاننا اعتبار كل هذا تغييرا تدريجيا للقيم، فالأفكار والأفعال التي كانت مهمة لدى الشخص مثل الكمالية وتناول المخدرات أصبحت غير مهمة وحل محلها قبول النفسي والتعافي. 


وفي النهاية آخر رسالة نرغب إيصالها في هذا الملخص هي معلومة استفدنا بها من الكتاب وهي موجهة لكل الأشخاص والعائلات المدمنين وغير المدمنين، وهي أن الإدمان يزدهر في ظروف الحرمان ومفعول به. يمكن إبطاله عن طريق البيئة المشبعة والمساندة والتي تعتبر حقيقة تم إثباتها معمليا. كان هذا ملخص كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان لمؤلفه  آرنولد واشنطن ودونا باوندي.

قراءة وتحميل كتاب إرادة الإنسان في علاج الإدمان. اضغط هنا.

كتابة تعليق