المخ ذكر أم أنثى
ملخص كتاب المخ ذكرا أم أنثى؟ هل هما متماثلان أم متشابهان؟ أم مختلفان متكاملان؟ تأليف عمر شريف ونبيل كامل.
يمثل الكتاب دعوة للاعتراف بالاختلافات الطبيعية بين الرجل والمرأة من منظور علمي، إذ يؤدي الاعتراف بتلك الفوارق إلى ازدهار العلاقة بينهما. ولا بد من القول بأن الثورة العلمية الحديثة هي التي ساهمت في معرفة الفرق بين مخ الذكر ومخ الأنثى، إذ قدمت لنا هذه الثورة كما كبيرا من المعلومات الدقيقة الخاصة بتشريح المخ وتوضيح وظائفه وكيفية تفاعله مع العالم. قبل هذا التقدم العلمي، كان المختصون يعتقدون بأن أسباب الاختلافات بين الرجل والمرأة عائدة إلى طريقة التربية المختلفة لكل منهما.
ومع تطور العلم أصبح الاختلاف الهرموني بين الرجل والمرأة هو السبب المباشر لاختلاف الجنسين. لكن العلم الحديث أثبت بأن هذه الاختلافات أكبر وأكثر من أن حصرها في سبب واحد، وهي نتيجة اختلاف طبيعة تركيب المخ بينهما، وطريقة التفكير لكل منهما، مما يقود إلى الاختلافات السلوكية والنفسية والجسدية بين الرجل والمرأة. دعونا إذن نخوض أكثر في التفاصيل لنتعرف على الفروق الجوهرية بين مخ الذكر ومخ الأنثى.
تعود أسباب الفوارق بين الرجل والمرأة إلى أسباب مكتسبة أو أخرى بيولوجية
لنتأمل بعض الجوانب من حياتنا والتي تظهر أبرز الفوارق بين سلوك الذكر والأنثى.
- الفوارق التي تبدأ في الأطفال منذ الولادة والإناث الرضعات يبدأن الكلام أسرع من الرضع الذكور، بينما يحبو الذكور ضمن مساحة أكبر. ويمكن الملاحظة في مرحلة الحضانة أن الإناث يرحبون بـ الوافدة الجديدة على عكس الذكور الذين يتعاملون دون مبالاة مع الوافد الجديد.
- الرجل يسعى للمرأة الجميلة عند الزواج بينما تبحث المرأة عن الرومانسية والصحبة الحميمية.
- مشاعر الأمومة المميزة للمرأة، فهنالك علاقة خاصة بين الأم وطفلها لا يمكن للأب أن يحل محلها أو يعوضها.
- التعليم والعمل، إذ أثبتت دراسة أجرتها الخبيرة الاقتصادية الأمريكية سيلفيا هيوليت أن الذكور يشغلون بشكل أكبر المناصب القيادية والإدارية والسياسية، بينما تشغل المرأة بنسبة أكبر المناصب المساعدة والتعليمية.
- في عالم الجريمة معدل ارتكاب الرجال للجرائم هو الأعلى.
- الفوارق تبدأ بالاختلاف بين الرجل والمرأة مع التقدم بالعمر. والآن جاء الوقت لتدرك بعض الاختلافات الجوهرية بين مخ الذكر والأنثى.
يتحكم العقل بالسلوك لدى الذكر والأنثى بطريقة مختلفة
تمتلك المرأة عقلا عاطفيا، فهي قادرة على التواصل العاطفي بشكل أكبر، وهي أقل سعيا للقيادة والتحليل والالتزام بالقواعد، أما قدراتها اللغوية فأعلى من الرجل، في حين أن الرجل ذا العقل التنظيمي يتميز بسعيه للقيادة ورغبته بتحقيق الإنجازات، كما يتمتع بقدرات بصرية فراغية تساعده على التنسيق بين ذراعيه وعينيه بشكل أكبر من الأنثى، مما يجعله أكثر سرعة ودقة في إطلاق الرصاص والجراحة وغيرها من الأمور الدقيقة والتي تحتاج إلى السرعة.
كما وتلعب العديد من العوامل التربوية والاجتماعية دورا رئيسا في تشكل أسلوب التفكير بين الجنسين، ومن أبرزها أسلوب التربية في البيت، والذي يعتمد على أسلوب الوالدين في التحذير والتهديد والمعاقبة وصناعة لعب الأطفال. تربى البنات على الجانب العاطفي، بينما تربى الذكور على التفكير المنطقي ونظام التعليم المختلف وغير المختلط في المدارس. وأضف التفرقة في أماكن العمل بحيث يختار كل جنس العمل الذي يتناسب وقدراته. والآن حان وقت معرفة الفروقات الهرمونية بين الجنسين.
تؤثر الهرمونات على تركيب الدماغ وبالتالي على الوظائف التي يقوم بها
نبتدئ بأشهر الهرمونات الذكورية بل وأهمها التستوستيرون الذي يرمز إليه بالحرف تي إذ أعلن العلماء عن اكتشافه عام ألف وتسعمئة وخمسة وثلاثين. كيف يؤثر الهرمون على مخ الذكر؟ عند اتحاد هرمون تي مع المستقبل الخاص به في الجسم. تتكون بروتينات معينة من شأنها تغيير طبيعة المخ بزيادة حجم المراكز المسؤولة عن الوظائف الذكورية مثل العدوانية أو ما يتعلق بالنشاط الجنسي.
ليبدأ بعدها المخ الجديد بالتحكم بالوظائف الجنسية في الذكر. كتل تغيرات مرحلة البلوغ مثل خشونة الصوت ونمو الشعر والوظائف البنائية في الجسم وغيرها، كما الوظائف السلوكية والإنسانية والاجتماعية. أما أشهر هرمونات الأنوثة فهي هرمون الإستروجين ويرمز إليه بالحرف في أي. أهمية هذه الهرمونات تكمن في حفاظها على صحة المرأة البدنية والعقلية والنفسية وتنظيم دورة الطمث شهريا. يضبط هرمون الأستروجين إيقاع المخ.
ولعل هذا ما يفسر أمراض الشيخوخة التي تصيب الأنثى بعد انقطاع الطمث نتيجة توقف إفراز هذا الهرمون، حيث مع اقتراب انقطاع الطمث يزداد عدم الاستقرار في جسم الأنثى بسبب انخفاض تدفق هورمون إي. وبعد سنة من انقطاع الطمث سيتوقف الجسم عن إنتاج الهرمونات الأنثوية بشكل كامل. وبعد عشرة إلى ثلاثين سنة، سيؤثر ذلك على القدرة العقلية للمرأة بسبب ضمور القشرة المخية في مناطق التفكير والذاكرة واتخاذ القرار بشكل خاص، كما ويجعل المرأة معرضة أكثر لـ الجلطات وهشاشة العظام. الحب هو أكثر تجربة غير منطقية يمكن أن تمر في المخ.
يساهم التكوين الهرموني والبروتيني المختلف بين عقل الرجل والمرأة في اختلاف طبيعتهم وتوجهاتهم الجنسية
لا بد أنك سمعت عن بعض الحالات الشاذة للتكوين التناسلي، إذ تنمو أعضاء تناسلية شبيهة بأعضاء الرجال في جسم فتاة على الرغم من امتلاكها الكروموسومات الأنثوية. اكس ووجود رحم ومبيض. لكن ما السبب؟ السبب هو إصابتها بمتلازمة الكظرية التناسلية بسبب ورم أصاب والدتها أثناء الحمل. والحل يكون بإجراء عملية تصحيح جنسي. قدم علماء الوراثة نظرية مفادها أن الكروموسومات الجنسية اكس وواي هي المسؤولة عن تشكل الأعضاء الجنسية لدى الذكر والأنثى في الأسبوع السادس من عمر الجنين، إلى أن اكتشف روبن لافال باتش أن الكروموسوم واي يوجه روبوت رسومات الخلية لإنتاج البروتونات المسؤولة عن توجيه الأعضاء التناسلية،
كما أن تجنيس المخ يبدأ في وقت سابق لهذا قبل أن تمارس الأعضاء التناسلية نموها. ولقد أثبت عالم البيولوجيا مانفريد جار ذلك عندما نقل مخ طائر ذكر إلى رأس أنثى، ولم يلاحظ أي اختلاف على الأعضاء التناسلية للطائر لاحقا. وهنالك أوجه عديدة للتشابه والاختلاف في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة. وأما التشابه فمنها أن هرمون تي أي التستوستيرون يعد محفزا للشهوة الجنسية لكليهما. وأما أوجه الاختلاف فهي أن المرأة تصل إلى النشوة مرات عديدة في العلاقة عكس الرجل الذي يصل إليها مرة واحدة.
كما أن آلية الجماع عند المرأة معقدة أكثر من الرجل، إذ تحتاج المرأة إلى التهيئة والتحفيز لتشعر بالإثارة على عكس الرجل. كما أن النشوة الجنسية ليست شرطا للخصوبة عند المرأة على عكس الرجل. وتبلغ الرغبة والطاقة الجنسية ذروتها عند الرجل ما بين الثامنة عشرة والعشرين من عمره. وأما المرأة ففي عمر الخامسة والثلاثين.
يعد التفاهم بين الرجل والمرأة أساسا للحياة الهانئة
إننا لا نحتاج إلى دراسات للتأكيد على رغبة الرجل بتعدد العلاقات. ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة هرمون تي عند الرجل، بالإضافة إلى بحثه عن الأنثى الأجمل والأقدر على تلبية رغباته. وهو ما تخافه الزوجات لذا يرغبن بترويض الرجل. ويمكن ذلك بكل بساطة من خلال فهم طبيعة مؤسسة الزواج. فالرجل في المقام الأول يبحث عن السكينة والاستقرار. ولقد تزايدت معدلات الطلاق في العديد من المجتمعات تبعا لاعتبارات اجتماعية وأخلاقية.
والنقاشات غير المفيدة التي سريعا ما تتضخم لتصبح خلافات لا حل لها بين الرجل والمرأة يكون رد فعل الطرفين مختلفا فيها. فبينما تكثر المرأة من الحديث بالتفاصيل، ومن الكلام يلوذ الرجل بالصمت ليحمي الأسرة من عواقب الكلام. فتنشأ بين الطرفين حرب باردة تتصاعد بشكل يصعب السيطرة عليه نتيجة عدم إدراك الاختلاف في الاهتمامات والحاجات بين عقل الذكر وعقل الأنثى.
يعزز وجود الأطفال من استقرار العلاقة بين الذكر والأنثى بداية من فترة الحمل
يشارك ما يصل إلى خمسة وستين بالمئة من الرجال نساءهم ببعض المشاعر الخاصة في مرحلة الحمل بما يعرف علميا باسم متلازمة كوفد، والتي تحدث عن ارتفاع مستوى هرموني البرولاكتين وهرمون الكورتيزون المسبب للتوتر أثناء فترة حمل زوجته، ومن ثم ينخفض هرمون التستوستيرون بمقدار الثلث ويرتفع مستوى هرمون الأستروجين عند ولادة زوجته فيزداد حنانا وتقل عدوانيته تجاهها.
وهنالك فوارق رئيسة بين شعوري الأمومة والأبوة أبرزها أولا الأمومة فطرية، أما الأبوة فمن اكتسبه. ثانيا شعور الأمومة يحدث بشكل أوتوماتيكي بسبب تزايد إفرازات الهرمونات لديها. ثالثا الأبوة فعل موثق بالحركات بين الطفل وأبيه. وأما الأمومة فيمكن أن تكون صامتة. رابعا في عمر السنة يرى الرجل في طفله منافسا له، بينما تنظر المرأة إلى الطفل كاختبار لتحمل الرجل للمسؤولية.
يعد تعاطف الوالدين تجاه أبنائهم. المفتاح للاستقرار النفسي السوي
يقلد الأطفال مشاعر الحزن عند الكبار عندما يبلغون عامهم الأول. بينما يسمى بالمحاكاة الآلية التي تجسد التعاطف والمشاركة الوجدانية. وعندما يبلغ الأطفال عمر العامين ونصف العام يبدأون بالتمايز، إذ تختلف طريقة ردة كل منهم على أحزان الآخرين وهمومهم، فالبعض يتعاطف معها ويبدي حساسية عالية، بينما لا يهتم البعض الآخر لها على الإطلاق.
يجب أن يعرف الطفل أن مشاعره مقبولة في بيئته بما يسمى بالتوافق، كما أن طريقة التعامل مع توتر الطفل ستنعكس على مقدرته بالتحكم في انفعالاته عندما يكبر. وبشكل عام فإن السلوك تعاطفي يختلف بين الأطفال الإناث والذكور من نواح عدة، فمثلا تظهر الإناث تقدما في السمع والإحساس باللمس والألم عن الذكور، بينما يعد الذكور أكثر نشاطا ويقظة.
قد تكون متطلبات الحياة الثقيلة سببا في انهيار الحياة الزوجية
هناك عدد من العوامل التي تسببت بمعاناة المرأة مقارنة بالرجل ومنها أولا انشغال المرأة بوظيفتها عين داخل المنزل وخارجه، وثانيا. اختلاف مفهوم النجاح وتحقيق الأحلام بين المرأة والرجل. ثالثا تهتم المرأة بالتفاصيل وكلمات المديح والثناء في العمل وتجرح بها الكلمات القاسية، بينما لا يهتم الرجل سوى بالصورة العامة للموقف. رابعا نظرة كل منهما لبيئة العمل والطريقة التي يبني عليها قراراته، فالرجل يحلل ويخطط بينما تتدخل العاطفة في قرار المرأة.
بل حتى إن مقاييس النجاح تختلف بينهما، بحيث ينظر الرجل إلى النجاح على أنه الترقي في السلم الوظيفي وزيادة المرتب، بينما تضع المرأة الاعتبارات الشخصية والإنسانية قبل المكتسبات المادية، ويتفاعل كل منهما مع التوتر بشكل مختلف. فالمرأة تتحول إلى الاكتئاب، بينما يتحول الرجل إلى العدوانية والعنف. ويقيس الرجل نجاحه في الأسرة بتوفير الحاجيات المادية، بينما ترى المرأة أن النجاح يتحقق بالرضا عن الذات.
فقرة بارزة من الكتاب المخ ذكر أم أنثى؟
إن الكثير من الحقائق التي تم التوصل إليها في مجال الفوارق الجنسية بين الرجال والنساء قد تم إخفاؤها لما لها من انعكاسات اجتماعية وسياسية. وبدلا من الإقرار بالحقيقة والتصرف في ضوئها وقف رد فعل الكثيرين عند مجرد الاندهاش، والقول بأن ذلك ما ينبغي أن يكون كذلك. لقد آن الأوان لنسف الفكرة القائلة بأن الجنسين متماثلين، وأن كلا منهما يمكن أن يقوم بدور الآخر.
الخلاصة من كتاب المخ ذكر أم أنثى؟
كلما سارع الرجل والمرأة في إدراك الفوارق الموجودة بينهما وتقبلها بصدر رحب، كان انعكاس ذلك على المجتمع والأسرة والذات أفضل بكثير. الفوارق الجنسية لا تقتصر على التركيب البيولوجي الداخلي والخارجي، وإنما على نظرة كل منهما لمفاصل الحياة وطريقة تعامله معها. وتعود أسباب الفوارق بين الرجل والمرأة إلى أسباب تربوية واجتماعية وبيولوجية، كما ويختلف السلوك بين الذكر والأنثى وفقا للاختلاف في تركيب العقل لكل منهما.
إذ تؤثر الهرمونات على تركيب الدماغ، وبالتالي على الوظائف التي يقوم بها. ويؤدي الإدراك السليم لهذه الفروقات إلى تحقيق التفاهم والتناغم بين الرجل والمرأة. كما ويعزز وجود الأطفال من استقرار العلاقة بين الذكر والأنثى بداية من فترة الحمل وحتى الولادة وأثناء التربية الصحيحة للأطفال.
قراءة وتحميل كتاب المخ ذكر أم أنثى؟ اضغط هنا
إرسال تعليق