قراءة وتحميل كتاب التوحيد pdf

+ حجم الخط -

 كتاب التوحيد


ملخص كتاب التوحيد المؤلف إسماعيل راجي الفاروقي .ضمن كتب إسلامية ، بدأ الكاتب بالكلام عن المفهوم المركزي الصلب للعقيدة الإسلامية. حينما يشهد المسلم أنه لا إله إلا الله، فإنه في هذه اللحظة يقول أن مركزية الله هي المفهوم المؤسس الرئيس لكل ما يندرج تحت حياته من أعمال وأقوال وتصرفات. وهذا المفهوم الصلب هو نواة كل خبرة دينية يمر بها المؤمن. فعند الموحدين الله هو معيارية كل شيء وإليه منتهى كل الأشياء، وهو الذي تستند إليه الأشياء في وجودها وحركتها، وتستند إليه المعاني في حجتها واستدامتها واستقلاليتها. ويستند إليه الوجود الأخلاقي الواعي ومنه تكتسب الأخلاق حجتها. ولهذا جاء القرآن مصدقا على هذا قائلا لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ . 



قراءة وتحميل كتاب التوحيد pdf



تحميل كتاب التوحيد للصدوق pdf


وليس مقصود. الآية الرئيس هنا أصالة أن الفعلة التامة الواحدة يستحيل أن يصدر من فاعلين تامين كاملين كما هو شائع، بل هذا معنى جزئي وهو مفهوم الآية إذا لذهب كل إله بما خلق. ولكن مقصود الآية الأولى أن معيارية الكون تفقد وتضمحل وتذوب فور أن تنكر وحدانية الله تعالى، وأنه هو منتهى كل شيء. ولهذا كان أول واجب أتى به الإسلام هو التوحيد لأنه بعد ضبطه تنضبط التصورات وتتمركز قيمة وجود الله الواحد في وعي المسلم. فيخرج منها معيارا منضبطا سليما إلهيا للحياة وللأشياء من حوله.


 وكانت الحرب على الشرك أول قضية للرسل دائما، وأول تحذير يحذر منه الأنبياء لما في ذلك من فساد للكون، والمعيارية الحية التي تضبط الإنسان والأشياء والمعاني من حوله. فتخلص الإسلام بهذا التحذير الرباني من كل ما يوقع البشر في فقدان المعيارية. في الخلاص المسيحي يعتمد على أن الله تجسد ونزل وحل وهو ما يرفضه التصور الإسلامي لما في ذلك من خلع لصفات الألوهية على بشر، ولما يتضمنه من فقدان لبوصلة الطريق التي يضمنها المفهوم التوحيدي التي تنص على أن رسالة الإنسانية التي كلف الله بها الإنسان على هذه الأرض هي عبادته وتوحيده بهذه العبادة.



وهذا النقاء التصوري الإسلامي للتوحيد الذي فيه أن الله ليس كمثله شيء، وأنه ليس كخلقه، وأن هناك خالقا واحدا ومخلوقات ولا يمكن التبادل بينهما أو أن يحل الخالق في المخلوق. وأن مهمتنا في الأرض هي عبادته كان هو رسالة المسلمين الخالدة التي توارثوها نقلا ودعوة إلى كل بقاع الأرض. فكانت محركة للمسلم لينظر للكرة الأرضية بأسرها أنها ساحة فعله فانطلق فيها تعمير ودعوة. ثم انتقل المؤلف في كتاب التوحيد تحميل كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة ل إسماعيل راجي الفاروقي PDF للكلام عن التوحيد كرؤية للعالم . عقيدة التوحيدية ترى العالم من خلال خمسة مبادئ رئيسة الثنائية التصورية الغائية القدرة الإنسانية وحرية الاختيار المسؤولية. 


كتاب التوحيد word


فتلك الرؤية تقول بوضوح أن العالم عبارة عن خالق ومخلوق إله ولا إله. والخلط بينهما شرك محظور. وتقول أن هذين النظامين نظامان لا يمكن  تدخلهما، كما يمكن تصور العلاقة بينهما، وهي العبودية من الخالق للمخلوق دون حرج. لأن الله خلق الإنسان وزوده بأدوات الفهم والاستيعاب والإدراك وفطره على التآلف، فكان هذا أسهل لتصور الإنسان وأيسر له لأداء مهمته.


 والتي هي الغائية، حيث ترى أن للكون غاية خلقه الله من أجلها، وتلك الغاية هي عبادة الله وهذه هي الأمانة التي حملها الإنسان. والتي بها زوده الله تعالى بعنصرين مهمين لإتمامها وهما القدرة والاختيار. فمعنى القدرة أن الله زود الإنسان بالقدرات التي تؤهله لاستخدام المخلوقات في خدمة غاية هذا الوجود كله، وهي العبادة وللفعل ومنحه الإرادة الحرة، وجعل الطبيعة مسخرة قابلة للتطويع ليقوم الإنسان بمهمته في حدود الزمان والمكان المتاحين له دائما وأبدا.



ولما منح الله الإنسان القدرة والاختيار فإن هذا يقتضي أن يكون الإنسان مسؤولا ومحاسب عن أفعاله التي استخدم فيها قدرته واستخدم فيها الطبيعة من حوله. فكان الحساب تأكيدا نهائيا على المعيارية الصلبة للأشياء والأفعال والأخلاق التي جاء بها التوحيد. ولهذا يلخص الإسلام العلاقة بين العبد وربه في أنها علاقة عمل وحساب. فالإنسان يعمل والله يجزيه يوم الحساب على ما عمله من خير أو شر. 


وإذا خلاصة ما سبق أن هذه المعيارية وتلك الرسالة التي يغذي بها الإسلام أتباعه. وتلك المهمة التي خلق الله الإنسان من أجلها تصوغ تصورات المسلم فتجعله يزن الأشياء بميزان آخر غير اللذة والمنفعة الدنيوية، ويرفض كل الفلسفات والقوانين الأخلاقية القائمة على هذه التصورات. أو على غير التصور الأخروي الذي يبنيه التوحيد. 



بعد ذلك تكلم المؤلف إسماعيل الفاروقي في كتاب  عن التوحيد من حيث إنه السمة الحضارية المركزية للإسلام. عندما نتكلم عن الإسلام كحضارة، فنحن نتكلم عن الهوية الإسلامية التي تستمد تعريفها بالأساس من مفهوم التوحيد. حيث يربط التوحيد بين العناصر الإنسانية المختلفة من ثقافة وفكر وفن وغيره ويجعلها نسيجا واحدا متماسكا اسمه الحضارة الإسلامية. 


وإذا كان التوحيد مفهوما مخالفا لما كانت عليه الحضارات الدينية المجاورة من نصارى ويهود، حيث صوره اليهود كرب عاجز ضعيف وله بنات وأبناء، وحيث ظل النصارى في تصور الإله فجسده  وثلثه وجعلوه أقانيم وصورا معلقة في الكنائس. 


جاءت الحضارة الإسلامية بتميز مفاهيمي في تصورها لطبيعة علو الذات الإلهية، وكانت واضحة في رفضها للممارسات الدينية المغايرة، وقد ظهر ذلك في عدة محددات حضارية منها. الفن، حيث كان الفن الإسلامي فنا خاليا من التصوير والتشبيه ومحاولة تجسيد الإله، بل كان فنا في أغلبه هندسيا أو مستمدا من الطبيعة الصماء كتعبير إسلامي عن مبدأ التوحيد والتسامي الذات الإلهية عن المخلوقات.


اللغة - حيث لم يتطرق المسلمون للتعبير عن الإلهي إلا بالمفردات العربية التي أنزلها في كتابه. واعتبروا أن النص العربي للقرآن هو وحده نص القرآن، وبذلك احتفظت الصلاة العبادة الرئيسية في الإسلام بجوهرها الإسلامي، إذ لا يمكن أن تقرأ فيها غير القرآن العربي، والذي ينص بوضوح أن الله تعالى ليس كمثله شيء رغم وقوع بعض المسلمين غير الناطقين بالعربية في رغبة التشبيه والتكييف التي تصدى لها علماء الإسلام على مختلف طوائفهم.


 بل إن الأمر تجاوز ذلك، إذ أخذ العلماء المسلمون على عاتقهم مهمة حفظ اللغة العربية نفسها من الضياع بقواعدها ونحوها وصرفها، إذ أنهم رأوا أن ذلك يضمن فهم النص القرآني كما نزل. والحقيقة أن قدرة أي أحد الآن على فهم الوحي كلفهم الذي فهمه به الأوائل يمثل معجزة في تاريخ الأفكار. وكل ذلك راجع إلى حفظ اللغة حفظا معرفيا قويا ومذهل. وصاغ العلماء دواوين ومعاجم  للغة ولتاريخها من قبل الإسلام وحتى يومنا هذا لتكون واحدة من أثرى فروع المعرفة. كل ذلك عائد إلى حفظ لغة القرآن من الضياع، والذي هو مبدأ صاغه التوحيد في عقول المسلمين. 


ثم تكلم المؤلف في كتابه توحيد، عن الإسهام الإسلامي التوحيدي الثقافي في إصلاح العالم. عندما يشهد المسلم أن لا إله إلا الله، فهو بذلك يشهد بأمور ثلاث تحرك ثقافته نحو العالم وتشكل رؤيته له. الأول أن الله خلق هذا العالم خلقا محكما دقيقا ليملأ به الإنسان بالقيمة والفعل. وإذا خلق الله لنا في المباحات التي تجعل هذه العملية ممتعة ومتيسرة للإنسان وسخر لنا فيه ما يجعلنا قادرين على فعل ذلك، وهي في ذلك تضاد الرؤية المسيحية للعالم أنه عالم الخطيئة التي لا طريق للفرار منها إلا بالخلاص.



الثاني- أن كل نفس بما كسبت رهينة. فالمسلم يؤمن أن للإنسان اختيارا وإرادة تحركه نحو الفعل، وأنه قادر على اختيار طريق الشر كما هو قادر على اختيار طريق الخير. وكلاهما خيار واقعي ممكن. وهديناه النجدين. ولهذا لا يستقر في وعي المسلم أنه يحتاج إلى مخلص أو مسيح. كل ما يحتاجه أن يركز على اختياراته الذاتية وقياس قيمة نفسه بـمنجزاتها في هذا المضمار. وهو بهذا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لأنه يؤمن أن الإنسان مركب فيه الخير كما الشر، وأنه مسؤول عن أفعاله وأنه غير متورط في الخطيئة. ولهذا يتحركوا في ميدان السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها برؤية إسلامية للكون والحياة ولا يعتزلها أو يهجرها. 



الثالث - أن كل البشر بما فيهم الأنبياء. عبيد لله مطالبون بتحقيق أمره وإرادته، ولهذا لا تقديس ولا خلع لأوسمة الألوهية على البشر حتى لو كانوا أنبياء أو صالحين. فالإسلام ينهى بوضوح عن صرف أي نوع من أنواع العبادة أو التقديس إلى أولئك الأنبياء أو الصالحين. ويؤكد أنهم في نهاية المطاف .


قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ۖ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.


وأن الكون كذلك ساحة للعبودية، فكل الجمادات والمخلوقات تعبد الله أيضا. وبالتالي لا يمكن الدمج بينهما واعتبار أن هذه هي الآلهة. وهذا كان أصل كل الشرور في الحضارات الدينية المختلفة. وانتقل المؤلف في كتاب التوحيد، للكلام عن التوحيد كمحرك مركزي للتاريخ، إذ يلزم التوحيد المسلم بتحقيق العبودية، فهو يعتبره في هذه اللحظة في موقع المسؤولية تجاه العالم، سواء في عالم البشر أو عالم الأشياء. ففي عالم البشر على المسلم أن ينطلق ليحقق مراد الله من الناس فيدعوهم إلى التوحيد. وفي عالم الأشياء يتحرك المسلم كفاعل مؤثر في زمانه ومكانه وفقا لإرادة الله وحكمه.


كتاب التوحيد pdf


ولهذا حرم الإسلام الرهبانية والانعزال التام عن حركة التاريخ والوقوف في موقع المشاهد المتفرج، بل أمر المسلم أن يكون فاعلا مؤثرا في هذه الحركة وصابغا لها بالصبغة التوحيدية التي هي مركز أفعاله وتحركاته جميعا. وهو في ذلك يعتبر هذه الحركة مسؤولية أخلاقية وأطلق عليها مسميات من قبيل الفلاح والعمل الصالح. ولهذا يعتبر الإسلام الدنيا دارا للعمل يجب تحقيق إرادة الله فيها وملئها بالقيمة وتعميرها بها. وهو في ذلك يطرد التصورات المسيحية واليهودية عن العالم. أنه مسرح للشيطان والقيصر والملذات الجسد. بل إنه يطرح رؤية للعالم كمكان يمكن تحقيق إرادة الله فيه. وأنه غني بالمعنى إذا ما قرر الإنسان ذلك. 


كتب التوحيد للمبتدئين


فالرسالة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غار معتزل، أمرته أن يتحرك ليغير الناس والتاريخ، وألا يبقى أو يحتفظ بالحالة التي هو عليها. فقالت قم فأنزر. ليكون العالم الدنيوي هو محل فعل المسلمين. وليكون التاريخ أثرا لفعل الإنسان لا حاكما عليه. فكانت الهجرة والغزوات ومواجهة الأعداء والتحرك في الدعوة أفقيا ورأسيا وفي كل أرجاء المعمورة شاهدا على فلسفة إسلامية للتاريخ. تقول المسلم مسؤول عن هذا العالم مسؤولية أخلاقية ومسؤول عن التغيير فيه وعن تحقيق إرادة الله فيه، وهو مصداق قوله تعالى


 كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.


ومن هنا اندفع المسلمون في حلبة صناعة التاريخ وغيروا وجه البسيطة وأدخلوا أنماطا جديدة كليا لأمم مختلفة في الحياة والعادات والتقاليد. وفي عوالم المفاهيم المختلفة ونطاقاتها  ليكون التاريخ حركة إسلامية حضارية ناهضة تغير العالم. 


بعد ذلك يتكلم المؤلف إسماعيل راجي الفاروقي عن المعرفة الصلبة المركز المعرفي للتوحيد. بعد انهيار المشروع المسيحي الكنسي أمام انتصارات متلاحقة للعلم التجريبي في الغرب، هوجم الإيمان بوصفه تجربة ذاتية غير قابلة للاختبار وليست موضوعا لليقين أو التحقق.


وتراجعت الكنيسة أمام حكم قضاة العلم التجريبي عليها، وقبلت بهذا الحكم بوصف الإيمان عملا ذاتيا نسبيا يخضع لمعايير الفرد الشخصية. لكن الإسلام بمفهومه التوحيدي يعامل الإيمان كا يقين راسخ وكمال خضوع قابل للتحقق والوجود. وكجزم اعتقادي لا يصح التوحيد إلا به اليقين والإيمان مترادفان. وهو في هذا يرفض الشكوكية الغربية التي اجتاحت النفوس وعقول العقول الدينية والتجريبية الغربية على السواء. بل يقول أن الإيمان مقولة معرفية صلبة ترتد إليها كل المعارف وليست مجرد مقولة أخلاقية شخصية، ولا يمكن من دونها بناء مقولات معرفية فرعية، بما في ذلك مقولة العلم التجريبي واعتباره حجة معرفية من الأساس .


كتاب توحيد


 والإسلام في ذلك دين متحد، إذ يقول أنه يوفر البراهين العقلية الناصعة الواضحة التي تدل على وجود الله ووحدانيته. وهو في ذلك يتكلم بخطاب المتيقن الواثق فيقول تعالى.


وقل جاء الحق وزهق الباطل ۚ إن الباطل كان زهوقا .


ولما كان الإسلام يرسخ لمفهوم الحقيقة الصلبة، على عكس الحقيقة السائلة النسبوية التي تروج لها الشكوكية الغربية، فإنه في ذلك هو مبدأ العقل والمعرفة. ولا يمكن أن يكون المنطق منطقا دون إيمان بما وراء المنطق. ولا يمكن أن يكون العقل عقلا إلا بإيمان بما وراء العقل. وإلا أصبح الإسلام غير متيقن من مفهوم الحقيقة، وهو الذي تبنته شكوكية دائما وأبدا أن الحقيقة الصلبة غير موجودة، وأنه ليس في مقدور الإنسان الوصول إليها. وهي في ذلك شاهدة على المبدأ المعرفي الأساسي للتوحيد، والذي هو مركز كل المعارف الصلبة العقلية والحسية والتي مع اختفائها تصبح العدمية أمرا حتميا لا مفر للإنسان منه.


ينطلق الإسلام في ذلك من مبدأ أساسي واحد الله هو خالق هذا العالم وهو مصدر الحق في هذا العالم، وبما أن الله واحد فالحق واحد. وهو بهذا يؤسس للمنطق كمرجعية وللعقل كمرجعية وللمعرفة الأصلية الصلبة التي يمدنا بها العقل والحواس والتي من دون مفهوم التوحيد تصير بلا معنى. أو في أحسن الحالات لا يمكن التأكد منها. وينتقل بنا الكاتب إسماعيل راجي الفاروقي، للإيمان بالغيب، فيتساءل ما الذي يجعل العلم التجريبي ممكنا. يفاضل كثير من العلماء التجريبية بين الطبيعة والإله كمفهومين مفسرين وكأنه من الممكن الاستغناء بالطبيعة عن الإله واعتبارها مفسرة لنفسها بنفسها.


قراءة كتاب التوحيد


 بيد أن التوحيد يقدم رؤية للطبيعة هي التي تهب هذه الطبيعة وتهب التجريب حجته وقابليته للفهم، إذ تقول أن الله خلق هذا الكون خلقا محكما دقيقا، وأجرى فيه الأشياء على قانون هو قانون الأسباب، فجعل لكل شيء سبب وجعل هذه السنن ثابتة مطردة لا تتبدل. وهذا من الناحية الإمبريقية هو الذي جعل العلم التجريبية ممكنا، فإنك ما لم تكن متيقنا أن القانون الذي يسري هنا يسري هناك، وأن الذي تكتشفه اليوم سيكون كما هو في الغد. لما استطعت أن تؤسس لأي تجربة أو تعتبر حجيتها. 


وبالتالي فإن المبدأ الإسلامي الأول للطبيعة والذي هو مبدأ النظام والإحكام هو الذي يجعل هذه المعرفة العلمية معرفة ممكنة وقابلة للتحقق، بل إن الإسلام جاء بنفي كل مظاهر الشرك والتي منها خلع صفات التأثير على الجن والأموات والأرواح وغيرها، وهي معتقدات سائدة في الهندوسية والمسيحية وغيرها من الديانات. وهذا المبدأ مبدأ تحرير الأسباب وعدم اعتقاد ما ليس بسبب سبب مبدأ علمي خالص، إذ أنه يؤسس لاكتشاف نظام الكون والسنن التي وضعها الله فيه، ويخلص العالم من الخرافة والجهل الذي يمثل العقبة الأولى أمام الفلسفة التجريبية أو الإمبريقية.


وإذا نخلص من هذا أن التوحيد هو الأساس المعرفي الأول ليعمل العلم التجريبي بطريقة مضمونة، وليكون المبدأ الأساسي للتجريب السببية واضحا لا لبس فيه.


وتكلم المؤلف بعد ذلك عن الكون الغائي الإنسان ورحلة المعنى. الإسلام لا يخاطب الناس عن الكون بوصفه مسرحا شريرا أو شيئا اعتباطيا، بل يخاطبهم بأن الله تعالى خلق هذا الكون لغاية. وهذه الغاية تظهر في محاور خطابية أربعة يعامل بها القرآن الكون. أولها أن الكون ملك لله تعالى، وأن الإنسان مستخلف فيه ومستأمن عليه، وهو في هذا يؤسس أن هذه المخلوقات وهذا النظام العجيب، وهذا النسق المتناغم كله نعمة من الله على الإنسان لغاية معينة وهدف. وليس مجرد اعتباطا أو صدفة. 


شرح كتاب التوحيد


ثانيها أن نظام الطبيعة مسخر للإنسان ليستخدمه في تحقيق هذه الغاية.


 ثالثها أن الإنسان مسؤول مسؤولية أخلاقية في انتفاعه بالطبيعة،  فغش والسرقة والإكراه والاحتكار كلها أمور محرمة على المؤمن، كما أن الإسراف في استعمال الطبيعة محرم كذلك. إذ إن هذه الأمانة التي يعاملها الإسلام ويعبر عنها بلفظ النعمة تستوجب أن يؤدي الإنسان حقها، فلا يتصرف فيها على غير مراد مالكها الأصلي الذي هو الله تعالى. 


رابعها أن الإنسان مأمور بالنظر في الكون والتأمل فيه والكشف عن سنن الله فيه سننه الكونية والشرعية. وهو في هذه المبادئ يستحث الغاية ويظهرها للإنسان إظهارا جليا لا لبس فيه حتى يتبصر الإنسان بموقعه من الله ومن الطبيعة وبحقوق الله عليه وبحقوق الطبيعة عليه وهو ما لا توفره أي فلسفة غير الفلسفة التوحيدية. ثم يتكلم عن التأسيس الإنساني للأخلاق. تختلف الفلسفات والأديان المختلفة في وصفها للإنسان وموقعه من الكون. فالفلسفة الإغريقية بإغراقها في الطبيعية وعاملت الإنسان كالإله  فألهته حتى في رذائله.


كتاب توحيدdownloads


ولذا تجد آلهة الإغريق تسرق وتزني وتخدع وتتعرى لأنها أفعال إنسانية طبيعية، بل هي أفعال جميلة في نظر الإنسان اليوناني. بينما جاءت المسيحية لتقول أن الإنسان كائن أرذل متلبس بالخطيئة لا تنفك عنها، ولذا يحتاج إلى مخلص إلهي، وأن العالم ساحة للشياطين والقياصرة وملعب للشعور المختلفة. وهكذا عملت الهندوسية والبوذية العالم بوصفه كيانا شريرا. وبوصف الإنسان شيئا دنيء. 


وبوصف حاجات الإنسان الطبيعية بأنها رذائل. التخلص منها يعتبر فضيلة. على النقيض تماما من الإغريق. وحده التوحيد هو الإنساني الذي يعتبر الإنسان كائنا مخلوقا دون تأليه ولا تحقير ويعتبره كائنا أخلاقيا يكتسب المعنى ويملأ حياته بالقيمة، فلا يحتقر ها ويتمتع بما وهبه الله فيها، وفي نفس الوقت يتعامل مع أوجه نقصه وسقوطه. وبالتالي الأخلاق في منظومة التوحيد لها بعد إنساني رحيم لا بعد تأليه كـالإغريق ولا بعد تحقيريا  كما في المسيحية والبوذية. 


ولما كان هذا التأسيس مرتبطا برؤية الإسلام للعالم وللإنسان، فإن الأخلاق هنا لا يمكن بأي حال فصلها عن الدين، إذ أنها أصلا تنطلق منها من تعريف الدين للإنسان ووظيفته في هذه الحياة. والذي يتفرع عنه تعريف ما هو أخلاقي وما هو غير ذلك. ولهذا لا يشهد الإسلام الثنائيات من أمثال الديني العلماني المقدسي المدنس إلى آخره .


لأنه يعامل العالم كله برؤية واحدة الله والوجود والإنسان كلها داخل نسق واحد فيه مصدر واحد للحق والحقيقة والأخلاق. فالوعي الإنسان بوحدانية الله ووجوده وبأنه مصدر الحقيقة يجعله في حالة من مراقبة الله على الدوام واستشعار مراقبته ومعيته. وفي ظل استشعار الحساب الوشيك والقادم لا محالة على أفعاله كلها كبيرها وصغيرها، مما يجعله يتصرف على نحو يطابق ما أراده الله منها.


فتح المجيد شرح كتاب التوحيد


كما أن الإسلام في هذا التأسيس الأخلاقي يتخلص من أوبال جنتها المسيحية على البشرية، باعتبار الإنسان دائما وأبدا متلبسا بالخطيئة ليست من كسبه، فالإنسان يؤسس لبراءة كل واحد من النقائص الأخلاقية ما لم يكن هو نفسه من أتى بها. ويصرح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى. 

وهو في ذلك ينطلق من عتبة أخلاقية تبدأ بولادة الإنسان حيث في لحظة الولادة لا له ولا عليه، وإنما تتأسس أخلاقياته بما سيفعله في مستقبل الأيام، ولهذا يكون المسلم مقبلا على الحياة وعلى العمل غير آبه بماض لم يشارك فيه أو يتحمل وزرة وغير محتقن للتاريخ ولا للإنسانية، بل يسعى للفعل والحركة دائما. 



وهذا التأسيس الأخلاقي لا ينطلق فقط من محيط فرداني شخصي مثالي كما في المسيحية، بل إنه يتسم بصفتين مركزيين التفعيل والأممتية والأممية. فأما التفعيل فهو يعني أن يكون الإنسان خلقا حيا متحركا. إذ لا تكفي النية الصالحة، بل لا بد من تفعيلها واقعا لتكون الأخلاق. متعدية لا تقتصر على داخل الإنسان بل تخرج لمجتمعه. ومن هنا جاءت فلسفة الضبط الأخلاقي الإسلامية المسماة بالخلافة.


 وأما الأمتية فهي تعني أن يتحرك المسلم بهذه المرجعية الأخلاقية دعوة لغيره من بني جنس البشر. ليحقق مراد الله على هذه الأرض. ولينضم لسلسلة التأثير على المكان والزمان بنفس المنهج الذي يفرضه الإيمان بالتوحيد والذي يجمع عقول ورؤى أبنائه نحو اتجاه واحد. ومن هذه الصفة الأمتية نستخلص صفة أخرى وهي العالمية، فالدعوة الإسلامية الأخلاقية دعوة إنسانية عالمية. فليست الأخلاق شخصية فقط ولا أممية فقط. بل أيضا هي دعوة موجهة لكل العالم لكل بني الإنسان أن يتخلقوا بخلق التوحيد.


تحميل كتاب التوحيد pdf وجميع الكتب pdf برابط مباشر من موقعنا مكتبة اقرأ كتابك

من هنا.


قراءة كتاب التوحيد وجميع الكتب العربية مباشرة أونلاين بدون تحميل على موقعنا من هنا .

كتابة تعليق