ملخص كتاب الرائحة أبجدية الإغواء الغامضة. تأليف بيت فرون، تكمن أهمية الأنف في موقعه الذي يضفي جمالا وفي عملية التنفس الصحيحة جسديا ونفسيا، وفي حاسة الشم التي تمكننا من شم الرائحة. وترتبط هذه الحاسة بالعمر وبالذاكرة وبشدة الرائحة وخصائصها الكيميائية، كما تتأثر بالأمراض والاختلالات الشمية. قد لا يهتم بها الناس كثيرا، ومن الممكن بالنسبة إلى بعضهم الاستغناء عنها، على الرغم من أهميتها في الذوق والتحفيز والتذكر، حتى إنها تؤثر في حياة الناس الجنسية وعمليات الإنذار عند قرب الخطر كما في حالات تسرب الغاز مثلا. كل هذا وما زال لها من الأسرار الكثير مما سنخبرك به في الفصول الآتية:
كثرت الأبحاث واختلفت الآراء حول حاسة الشم عبر التاريخ عند الأطباء والفلاسفة
شن الفيلسوف أفلاطون plato حربا على العطور، واعتبرها أدوات للتخنث واللذة الجسدية، لارتباطها بـبائعات الهوى اللواتي كن يتعطرن بغية اجتذاب اهتمام الرجال. أما سقراط Socrates فقد رأى فيها دلالة معلوماتية من خلال ربطها بالانتماء الاجتماعي والوضع الطبقي. بينما أحط كانط Kant من قيمة هذه الحاسة ولم يجري أبحاثا حولها، بل سلط الضوء على حاسة البصر. وخلال الثورة العلمية في عصر التنوير، زاد الاهتمام بالعقل وازدريت بقية الحواس ومنها الشم لارتباطها ذهنيا بروائح جسدية كريهة.
أما الفلسفة الإنجليزية التجريبية فقد أحالت جميع المعارف الإنسانية إلى الحواس، واكتشفوا وجود روابط بين الروائح والمواد الكيميائية. وفي القرن الثامن عشر كان الطب الدافع الأكبر للاهتمام بحاسة الشم. فقد توصل الأطباء إلى أن بعض الأمراض مثل ماريا والسل تنتج من الروائح الكريهة للجثث المتحللة.
كما أشار الطبيب سميليفايس Smileface بعد اعتقاده أن سبب وفاة النساء بعد الولادة هو مادة معدية تصدرها غرفة التشريح التي تقع بجانب غرفة الولادة إلى ضرورة غسل القابلات أيديهن أثناء عمليات الولادة، الأمر الذي قلل من وفيات الأمهات بسبب حمى النفاس إلى نسبة تسعين بالمئة. دعونا معا نتعرف على عضو حاسة الشم وأهميته في حياتنا اليومية.
تلتقط حاسة الشم آلاف الروائح وتلعب دورا مهما في تذوقنا للأطعمة
يلتقط الإنسان الروائح على أنحاء ثلاثة موجبة وسالبة ومحايدة، والسالبة توجهه نحو السلوك الذي يقلل من الإحساس بالرائحة. أما الموجبة فتوجه نحو السلوك الذي يتأثر بالرائحة، أما المحايدة فلا يتأثر الإنسان بها. وعضو الشم قادر على تمييز آلاف الروائح شريطة أن تعرض عليه واحدة تلو الأخرى.
وعادة ما يألف الإنسان الروائح بسرعة، خاصة إن لم تكن تشكل خطرا عليهم. وغالبا ما تقل الحاسة الإدراكية للروائح بعد الاعتياد عليها. ويتوجب على الناس استخدام الروائح الطيبة ذات التركيز العالي باعتدال كي لا تضعف عندهم حاسة الشم. وأن يبتعد عن رائحة كريهة. وتؤثر حاسة الشم على تذوقنا للأطعمة من خلال ارتفاع الهواء إلى أعلى الحلق أثناء تناول الطعام والمضغ.
وقد يختلف تركيز الرائحة بسبب كثرة المضغ وأثر اللعاب وكثرة الكلام أثناء المضغ والتدخين. كما أن هناك عوامل تؤثر في امتصاص الطبقة المخاطية للروائح وتمريرها إلى الغشاء الشمي مثل قابلية الرائحة للذوبان ووزنها الجزيئي وقوام المخاط وسمكه، في حين تؤدي الأمراض والمشاكل إلى إضعاف حاسة الشم كـنزلات البرد التي تعيق التذوق بسبب انسداد الأغشية المخاطية. لكن هل تتطور حاسة الشم مع مرور الوقت؟
تتطور حاسة الشم عند الأطفال لتبلغ أقصاها عند البالغين وتتفوق المرأة فيها على الرجل
إن أول إدراك حسي للإنسان يبدأ من خلال رائحة سائل الغشاء الذي يحيط بالجنين في رحم أمه. أما الرضيع فيبدأ ميلا واضحا نحو روائح معينة اكتسبها بحكم اقترابه من أمه. ويقيم أنفه الروابط بسرعة ويفضل ما هو مألوف. وتتغير استجابته للروائح كلما زاد عمره. وقد كشفت التجارب أن الأمهات لا يجدن صعوبة في التعرف على روائح أطفالهن. كما أن الأطفال يستطيعون التعرف على روائح أمهاتهم بعد مضي وقت من الولادة، ولا سيما من خلال الرضاعة. علاوة على أن الروائح تؤثر في سلوك الطفل ووظائفه الجسمية وتأخذ بيده لتقر به إلى عالمه ومحيطه.
تتفوق قدرة المرأة الشمية على قدرة الرجل. وهذه الاختلافات بين الجنسين تظهر في مرحلة المراهقة، فهي تتلقى تركيز الروائح بشكل أكبر، مما يجعلها أكثر قدرة على التلذذ والإحساس بها، كما أنها أكثر قدرة على تسمية تلك الروائح من الرجل بسبب مخزون الحس اللغوي لديها. وتشكل طبيعة عمل المرأة واحتكاكه بالروائح في المطبخ والبيت أحد أهم أسباب تفوقها على الرجل في القدرة الشمية.
وتبلغ حاسة الشم أوجها عند البالغين في عمر الثلاثين إلى الأربعين عاما، إذ يصبح الشم لديهم أوسع مدا من نظيره عند الرضع والصبية، لأن استجابة الروائح تصبح أشد ذاتية وزخما كلما تقدم الإنسان في العمر، ثم تضعف حاسة الشم في مرحلة الكهولة والشيخوخة، لأن الإنسان حينها يصبح أكثر عرضة للأمراض والعلل. ولكن هل للذاكرة علاقة بحاسة الشم؟
تساهم ذاكرة الإنسان في تمييز الروائح ولكنها لا تساعده في تسميتها بدقة
ترتبط حاسة الشم بالذاكرة، فما يشمه الإنسان في لحظة ما يرتبط بما قد شمه قبل فترة وجيزة. ومن اللافت للنظر أن من يصاب بفقدان ذاكرة مؤقت يستطيع تمييز الروائح التي شمها أو تعرض لها أثناء الفقدان. أما المصابون بمرض فقدان الذاكرة بشكل دائم، فإنهم لا يستطيعون ذلك. وتنشط الروائح الذاكرة العشوائية. وتقوم حاسة الشم أحيانا بإثارة الذكريات القديمة، ويطلق عليها في علم النفس اسم الاسترجاع المهيمن.
وقد قدرت الروائح التي يستطيع الأنف تمييزها وإدراكها بحوالي أربعمئة ألف رائحة. ولكن الناس غالبا لا يستطيعون تسمية الروائح كما هي بالضبط. تتدهور إمكانية التعرف على رائحة ما إن كان الإنسان قد تعرض لرائحة سابقة لتداخلها مع الرائحة الأولى. وقد أكدت الدراسات أن الإنسان قادر على تذكر الروائح حتى بعد مرور شهور من التعرف عليها، وكلما كانت الروائح مركبة وغير مألوفة نقصت قدرة الذاكرة في استرجاعها.
ويمكن للمكفوفين تمييز الروائح بصورة أكبر من المبصرين، مع أنهم يجدون صعوبة بالغة في تحديد مصدر الرائحة، فيقومون بالتركيز على خصائصها، وهم يمتلكون أعضاء شمعية أكثر حساسية من غيرهم بطبيعة الحال. ولكن ما أثر العطور على حياتنا اليومية.
تثير العطور الانفعالات والعواطف. ولكل منا جواز سفر شمي خاص به تحدده رائحة عطره
يلجأ الإنسان إلى العطور كي يبعد جسده عن الرائحة الكريهة، ما يساهم في عدم نفور الناس منه. والعطر المميز يطلق أنواعا ثلاثة من الروائح على التتابع. الأول اللفتة الكبرى التي تطلقها معظم المواد الطيارة. والثاني صميم العطر وهو رائحة دافئة كثيفة. والثالث أجواء ما بعد الرائحة والتي تعلق بالشخص لفترة طويلة. وترتبط العطور بالانفعالات والعواطف، إذ يعتقد بعض الباحثين أن تجربة الشم تطورت وتحسنت بفضل إنتاج المصانع للعطور.
ومن الممكن أن تخفف الروائح من الضغط والتوتر، وقد تستخدم كوسيلة للعلاج النفسي أو لبعض حالات الرهاب والأرق أو بهدف الاسترخاء وعلاج المفاصل والعضلات. وتؤدي العطور إلى خلق انطباعات فورية عن الأشخاص أو ما يعرف بـجواز السفر الشمي، والذي يعني أن لكل منا رائحته الخاصة التي يطلقها بدنه، فهي ترتبط بـجنسه وطريقة تنشئته ونوعية تربيته.
فمثلا عند تقدم شخص لوظيفة ما تخلق رائحة عطره انطباعا لدى الآخرين، وقد تلعب دورا في قبوله أو رفضه. وتتحكم الإعلانات بتجارة العطور من خلال الإيحاءات والشعارات التي تروج لها ومن ربط بين العطور والجاذبية سوى وهم من صنع الدعاية والإعلان. ولكن كيف تستجيب حاسة الشم للروائح؟ وما المشكلات التي تعيق قدرتها؟
تتأثر حاسة الشم بشدة الرائحة وخصائصها الكيميائية
ترتبط الروائح وإحساسات الشم ارتباطا كميا وكافيا في الناحية الكمية تصف درجة الشدة التي يتزايد معها انطباع الرائحة بتزايد شدة التنبيه. أما الكيفية فتهتم في كيفية ارتباط انطباع الشم بالخصائص الكيميائية للمادة. ومن المستحيل أن نجد في الطبيعة رائحة نقية خالصة، بل إنها عادة ما تكون مزيجا من روائح متعددة. وتكشف حاسة الشم جوانب عن العالم المحيط بنا، كما أنها ترتبط بالجنس، إذ تؤثر الإفرازات الأنثوية والذكورية على البشر الذين ينجذبون إلى من يتوافقون معهم في روائحهم.
وهناك بعض العوامل التي تطرأ على عضو الشم مع التقدم في العمر، منها وجود مشكلات بالتجويف الأنفي وجفاف الطبقة الأنفية، وتكلس عظم مصفاة الأنف، وتدني إنتاج الخلايا الحسية الجديدة، وانكماش حجم عضو الشم والهبوط الحاد في أعداد الخلايا الحسية وتحلل القشرة المخية لعضو الشم. لذلك فإن العديد من المسنين يتوفون نتيجة العديد من الانفجارات الأسطوانات الغاز لعدم قدرتهم على شم الغازات المنبعثة قبل الانفجار أو الانتباه لها، أو بسبب تناولهم لبعض الأطعمة الفاسدة دون التنبه إلى رائحتها. أما المدخنون فإن قدرة حاسة الشم لديهم أسوأ بكثير من غير المدخنين، ولا سيما بعد إطفاء السيجارة مباشرة لغلبة رائحة التبغ على أنوفهم.
ملخص كتاب الرائحة
لا تشتري العطور الرخيصة لأنها أخلاط عطور لكل مكون فيها معدل اعتياد مختلف. وقد يكون من نتيجة ذلك أن يطلق العطر في البداية رائحة طيبة، لكنه سرعان ما يتحول إلى إصدار رائحة كريهة منفرة فيما بعد.
تعد حاسة الشم إحدى أهم الحواس عند الإنسان، وقد استرعت انتباه الفلاسفة والأطباء منذ القدم واختلفت آراؤهم حولها، فمنهم من رفع شأنها ومنهم من أحط من قدرها. ويمثل الأنف العضو الشمي وهو قادر على التقاط آلاف الروائح، وتتأثر قدرته بشدة الرائحة وخصائصها الكيميائية. وبعمر الإنسان وجنسه وبتعرضه للأمراض والمشاكل الشمية. كما تلعب الذاكرة دورا فعالا في تمييز الروائح. وتؤثر حاسة الشم في التذوق والتحفيز والجنس، وتثير في النفس العواطف والانفعالات وخاصة عند شم العطور.
تحميل كتاب الرائحة أبجدية الإغواء الغامضة PDF برابط مباشر. اضغط هنا لتحميل الكتاب.
قراءة كتاب الرائحة أبجدية الإغواء الغامضة PDF مباشرة أونلاين بدون تحميل. اضغط هنا لقراءة الكتاب.
إرسال تعليق