المؤلف: دانيال كانمان
التصنيفات: التنمية البشرية وتطوير الذات
نوع الملف: pdf
حجم الكتاب:5.63 ميجا بايت
ملخص كتاب التفكير السريع والبطيء
التفكير بسرعة والتفكير ببطء. دانيال كانمان، فكرة عامة حول الكتاب: جولة سحرية داخل العقل البشري. تشرح لنا النظامان المحركان لتفكيرنا انه عرض للإمكانيات غير العادية للتفكير السريع، وكذلك ما ينطوي عليه من أخطاء وتحيزات، كما يميط اللثام عن التأثير الهائل للانطباعات الحدسية على أفكارنا وسلوكياتنا.
يوضح لنا متى يمكن أن نثق في انطباعاتنا الحدسية، ومتى لا يمكن فعل ذلك. وكيف يمكننا الاستفادة من المزايا. في التفكير البطيء. يقدم أيضًا تحليلًا عمليًّا وتثقيفيًّا لطريقة اتخاذ القرارات في حياتنا العملية والشخصية على حد سواء ويوضح كذلك كيف يمكن استخدام أساليب مختلفة للوقاية من زلات العقل، التي كثيرًا ما توقعنا في المشكلات.
إن هذا الكتاب سيغير نظرتك إلى التفكير تغييرًا جذريًّا. المؤلف دانيال كانمان، عالِم النفس – عالِم الاقتصاد (حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد) تاريخ النشر: 2011 عدد صفحات الكتاب: 500 صفحة ملخص الكتاب:
بديهة الخبراء أم الخبرة البديهية.
حين تُسأل عما يجول في خاطرك، قد تجيب دون حتى أن تفكر، والسبب يعود لأنك تعتقد بي أنك على معرفة وعلم بالأفكار التي تدور في ذهنك، والتي تتكون في الغالب. من فكرة إدراكية تقود بأسلوب منظم إلى فكرة أخرى. إلا أن هذا ليس هو الأسلوب الوحيد أو المعتاد الذي يعمل به العقل، فمعظم الأفكار والانطباعات تنشأ خلال تجربتك الإدراكية دون أن تدري.
كيف وصلت إلى هذا المكان– وبالتالي، فلن تستطيع أن تحدد كيف أتاك الاعتقاد. بأن هناك يوجد مصباحًا على المكتب الذي انت جالسا عليه أو كيف استشعرت نبرة الغضب في صوت زوجتك. وانت تتحدث معها على الهاتف، أو كيف استطعت ان تتجنب التعرض لخطر ما على الطريق قبل حتى أن تدرك وجوده– ويعود السبب في ذلك في أن العقل يعمل في صمت كي ينتج انطباعاتك وأفكارك البديهية والعديد من قراراتك.
التفكير السريع والبطيء كامل
جميعًا قد سمع عن تلك القصص التي تتحدث عن سرعة البديهة. التي يمتاز بها الخبراء، كقصة محترف الشطرنج الذي يمر على أشخاص يمارسون تلك اللعبة. ويتنبأ بالعديد من تحركاتهم التالية. أو الطبيب الذي ينظر إلى المريض نظرة واحدة فيستطيع من خلالها تشخيص حالته بدقة. تبهرنا بديهة الخبراء وكأنها ضرب من ضروب السحر غير أنها ليست كذلك.
ففي الواقع لدينا جميعًا خبرة بديهية تجعلنا نُظهر العديد من السلوكيات الاستثنائية كل يوم، ومعظم البشر يستطيع بكل سهولة استشعار نبرة الغضب في صوت الطرف الآخر. على الهاتف بدايةً من أول كلمة ينطق بها، كما نستطيع ايضا ملاحظة أننا كنا موضوع نقاش او محادثة ما، وبمجرد أن ندخل الى تلك الغرفة التي كانت تدور فيها المحادثة.
ونستطيع أيضًا الاستجابة بسرعة إلى الإشارات البسيطة التي تؤكد أن سائق السيارة. التي تمر بجوارنا يشكل خطرًا علينا. إن قدراتنا البديهية التي نمارسها كل يوم ليست أقل إثارةً للإعجاب. من قدرات محترف الشطرنج أو الطبيب الخبير، ولكنها أكثر شيوعًا فحسب التركيبة النفسية للبديهة السليمة لا تتضمن أي سحر.
ويعتبر أفضل وأقصر وصف لها هو الذي قدمه لنا هيربرت سيمون حيث أجرى دراسات على محترفي العبة الشطرنج. وقد تبين له أن آلاف الساعات التي امضوها في التدريب والتمرين والممارسة، جعلتهم بعد ذلك ينظرون إلى لوحة لعبة الشطرنج بنمط وبأسلوب مختلف– نستطيع من هنا ملاحظة رغبة وتلهف سيمون إلى تفسير الخرافة بي بديهة الخبير حيث قال:
” خلال موقف ما يتلقى الخبير إشارة وتلك الإشارة هي التي تساعده وتمكنه من الوصول إلى المعلومات المخزنة في ذاكرة الخبير، والتي تمكنه بدورها من التوصل إلى الحل وبذلك، البديهة ما هي إلا حالة إدراك“
كتاب التفكيرpdf
لن نُفاجأ إذن حين ينظر طفل عمره عامان إلى كلب ويتعرف عليه لأننا تعودنا على معجزة الأطفال، الذين يتعلمون التعرف على الأشياء وأسمائها. يقصد هنا من التعريف السابق أن المعجزات المتعلقة بـ بديهة الخبراء ذات طبيعة واحدة إذ تنشأ الأفكار البديهية السليمة حين يتعلم الخبراء التعرف على العناصر المألوفة. في موقف جديد والتصرف بناءً على ذلك بالتالي فإن الفكرة البديهية السليمة تطرأ على عقولهم بنفس السرعة التي يتعرف بها الطفل على أي شيء وينطق اسمه للتفكير نمطان.
لعدة عقود أبدى علماء النفس اهتمامًا شديدًا بنمطي تفكير وأطلقوا عليهما أسماء عدة سنتحدث الآن عن هذين النمطين وسنتطلق عليهم التسمية التالية” النمط الأول“ والنمط الثاني“
يعتبر النمط الأول سريعًا وتلقائيًا، بمجهود بسيط أو دون مجهود ما يذكر، أو حتى الاحساس بالرغبة في السيطرة عليه.
واما النمط الثاني فيركز على الأنشطة العقلية المجهدة التي تتطلبه كالعمليات الحسابية المعقدة، وغالبًا ما ترتبط العمليات الخاصة بهذا النمط. بالخبرات الذاتية للإرادة والاختيار والتركيز. عندما نفكر في أنفسنا نفكر وفقًا للنمط الثاني، فالإدراك يستمع إلى النفس بمعتقداتها ويتوصل إلى اختيارات، ويقرر ما يجب أن يفكر فيه وما يجب أن يفعله– ورغم أن هذا النمط يعتقد أنه مرتبط بالفعل في النمط التلقائي الأول. هو محور هذا الفعل، إذ يوصف بأنه مصدر الانطباعات والمشاعر. التي تعتبر المصادر الأساسية للمعتقدات الصريحة والخيارات المتعددة التي تنشأ من خلال النمط الثاني.
العمليات التلقائية للنمط الأول. تُنشئ أنماطًا معقدة من مجموعة الأفكار بصورة مفاجئة، ووحدة النمط الثاني الأكثر بطئًا هو القادر على تكوين الأفكار بخطوات مرتبة-وهناك بعض الأحوال التي يتغلب فيها النمط الثاني على النمط الأول متجاوزًا حوافزه المطلقة وكل ما يرتبط به. بالتالي يجب علينا أن ننظر إلى هذين النمطين. على أنهما عاملان مختلفان بقدراتهما الفردية، وأوجه قصورهما، وترتيب وظائفهما، مع ترتيبها جميعًا ترتيبً صارمًا، وفقًا لمدى تعقيدها.
النمط الثاني بطيء، ومن الطبيعي أن تكون مسألة التفكير والمشي في آن واحد ممتعة وسهلة، ولكن يبدو أن تلك النشاطين من الأنشطة التي تتنافس فيها على الموارد المحدودة للنمط الثاني. ويمكنك التأكد من هذه النظرية من خلال تجربة بسيطة فحين تتنزه سيرًا على الأقدام مع صديقك. تطلب منه إجراء عملية حسابية في الحال، فغالبًا ستجد أنه توقف عن السير لإجرائها، معنى ذلك في أننا نستطيع التفكير ونحن نتنزه سيرًا على الأقدام ولكن لا يمكننا الانخراط في الأنشطة العقلية التي تشكل عبئًا كبيرًا على الذاكرة القصيرة المدى.
سنفضل التوقف عن السير والجلوس عن الوقوف. ان كنا بحاجة الى حل مسألة ما معقدة في وقت قصير، إنما بالطبع لا تتطلب كل حالات التفكير البطيء هذا الشكل من التركيز والعمليات الحسابية المجهدة، إذ يتوقف حجم المجهود على مدى صعوبة حل اللغز. النمط الثاني مشغول ومستنزف. ويعتبر التحكم في النفس وايضا المجهود المعرفي عمليتين عقليتين، والناس الذين يواجهون تحديًا حين يتعين عليهم إنجاز مهمة معرفية في الوقت الذي يلاحقهم فيه أحد الإغراءات.
تتزايد احتمالات استجابتهم لهذا الإغواء. تخيل أنك مطالب بالاحتفاظ في ذاكرتك بقائمة تتكون من سبعة أرقام. لمدة دقيقة أو دقيقتين، وأنك أُخبرت بأن تلك المهمة هي أولى أولوياتك، وفي أثناء تركيزك لكل انتباهك على تلك الأرقام يُقدَّم لك طبقا حلوى تختار من بينهما (كيك الشكولاتة الدسم وسلطة الفواكه الخفيفة).
كتاب التفكير بسرعة
من المرجح أنك سوف تختار كيك الشكولاتة. تشير الأدلة حين يكون عقلك مزدحمًا بتلك الأرقام، ويرجع ذلك إلى أن نمط التفكير الأول له تأثير أكبر على السلوك. حين يكون النمط الثاني منشغلاً، كما أنه يميل إلى اختيار الحلوى التي تحتوي على نسبة سكريات أكبر. الأشخاص المنشغلين معرفيًا سيتخذون قرارات أنانية من المرجح ويستخدموا لغةً تميز بين الجنسين، ويصدرون أحكامًا سطحية في المواقف الاجتماعية، وذلك لأن حفظ الأرقام واسترجاعها.
يجعل النمط الثاني يفقد السيطرة على السلوك، ليس السبب الوحيد في ضعف السيطرة على السلوك بالطبع ليس الانشغال المعرفي فالاستيقاظ ليومين متواصلين، على سبيل المثال، له نفس التأثير-فضلاً عن ذلك، يعاني أصحاب الشخصيات النهارية. من ضعف القدرة على التحكم في النفس ليلاً، ويعتبر العكس صحيح ايضا بالنسبة إلى أصحاب شخصيات الليلية، كما أن التركيز الشديد على جودة مستوى أداء الشخص.
لمهمة محددة قد يقصر بأدائها بسبب تعبئة الذاكرة القصيرة الأمد بأفكار مزعجة بلا فائدة تذكر. والنتيجة واضحة يتطلب التحكم في النفس انتباهًا ومجهودًا، وبذلك فإن السيطرة على الأفكار والسلوكيات من المهام التي يؤديها النمط الثاني. حين تستمع إلى كلمتي ”موز“ و”غثيان“ يفترض عقلك بصورة آلية وجود علاقة تتابع زمني وعلاقة سببية بين هاتين الكلمتين، مما يجعلك تصوغ سيناريو مبدئيًا فكرته أن الموز يسبب الغثيان-ونتيجة لذلك، ستشعر بنفور مؤقت من الموز (ولكنه يعتبر شعوركما عابروا يستدعي القلق)
تغيرت حالة ذاكرتك بطرق أخرى الآن لديك الاستعداد للتعرف على الأشياء والمفاهيم مرتبطة بــالغثيان كالرائحة الكريهة والاشمئزاز، والاستجابة إليها كما أنه لديك الاستعداد ايضا لربط بعض العبارات والكلمات بالموز كاللون الأصفر والفاكهة أو ربما التفاح والكريز.
فضلاً عن ذلك، سيلاحظ نمطك الأول. أن وضع الكلمتين متجاورتين غير مألوف. فمن المحتمل على أنك لم تصادفهما على الشكل من قبل وبالتالي فقد تلقيت مفاجأةً بسيطةً-هذه المجموعة المعقدة من ردود الأفعال قد حدثت بسرعة وتلقائية، ودون مجهود لم تخطط لها ولم تستطع إيقافها، فقد كانت إحدى عمليات النمط الأول ووقعت تلك الأحداث لأنك رأيت أن الكلمتين تصادفتا من خلال عملية تسمى تنشيط تداعي المعاني.
أن الأفكار التي تطرأ على ذهنك، بمعنى تستحث ظهور أفكار أخرى عديدة، عبر شلال منتشر ومتدفق من الأنشطة العقلية. والسمة الاساسية لتلك المجموعة المعقدة من أحداث عقل، هي الترابط المنطقي بينها. فكل عنصر فيها متصل بغيره من العناصر. وكل منهم يعزز ويدعم الآخر. تستثير الكلمة الذكريات التي تحفز الانفعالات والتي.
بدورها تحفز تعبيرات الوجه وغيرها ايضا من ردود الأفعال كالتوتر العام والميل إلى تجنب الأمر. وتعزز ردود الأفعال السابقة المشاعر المرتبطة بها، كما أن المشاعر تعزز الأفكار المتوافقة معها. يحدث كل ذلك بسرعة وفي الوقت نفسه، ينتج نمط عنها من ردود الأفعال المعرفية. وايضا العاطفية والجسدية، ويعزز نفسه بنفسه ويتسم بالتكامل والتنوع يطلق على هذا النمط اسم نمط الترابط والتماسك. لقد استطعت في واحدة من ثانية، تقريبًا إنجاز عمل تلقائي ولا اروع ومميز، فبدءًا من حدث لم يكن متوقعًا على الإطلاق.
كتاب التفكير بسرعة والتفكير ببطء- دانيال كانمان/ النسخة pdf
استطاع نمطك الأول فهم الموقف قدر الإمكان، كانت لديه كلمتان بسيطتان متجاورتان، فقد بشكل غير مألوف من خلال قصة ربطت بينهما سببيًا، فقيم من خلالها الخطر المحتمل (سواء أكان بسيطًا أم محدود المدى) للتطورات المستقبلية تم. أنشأ إطارًا من خلال استعدادك لأحداث أصبحت للتو أكثر احتمالاً، وقد أنشأ هذا النمط أيضًا إطارًا للحدث الجاري من خلال تقييم عنصر المفاجأة فيه.
وقد انتهى المطاف بك بمعلومات حول الماضي وبقدر الإمكان استعداد للمستقبل. ومن السمات غير المألوفة لما حدث أن تعامل مع مجرد الربط بين الكلمتين من نمطك الأول، على أنه أمر واقع. واستجاب جسمك من خلال النسخة المخففة ومن نفس رد فعلك في حالة تعرضك لتلك الموقف بالفعل-كما أن استجابتك الانفعالية ونفورك الجسدي كانا جزءًا من تفسير الحدث، وقد أكد أحد الباحثين المعروفين في السنوات الأخيرة أن المعرفة مجسدة، لأن الإنسان لا يفكر بعقله فحسب.
وإنما بجسده أيضًا قواعد ومفاجأة. الوظيفة الأساسية في النمط الأول هي في الحفاظ على النموذج العالم الخاص بك بمكوناته العادية وتحديثه. ينشأ هذا النموذج الأفكار الخاصة بالظروف والأحداث والأفعال والنتائج من خلال وصلات تربط بينهم، والتي تحدث معًا بقدر من الانتظام سواء في الوقت نفسه أو خلال فترة زمنية قصيرة.
وعندما تتشكل تلك الروابط وتقوى، نمط الأفكار المترابطة. يظهر ليمثل هيكل الأحداث في حياتك، ويحدد نظرتك إلى الحاضر، وتوقعاتك حول المستقبل. ويعتبر الاستعداد للمفاجأة العنصر الرئيسي من عناصر الحياة العقلية، والمفاجأة في حد ذاتها أكثر المؤشرات الحساسة والتي تشير إلى مدى وعمق فهمنا لعالمنا وما قد نتوقعه منه.
التفكير بسرعة وببطء pdf - مكتبة نور
وهناك نوعان رئيسيان مختلفان من المفاجآت، فبعض التوقعات قائمة بالفعل وتدخل في نطاق الوعي، كانتظار كل حدث معين لأنك تعرف أنه سيحدث، وحين يقترب ميعاد الحدث، حين يعود ابنك من المدرسة قد تتوقع سماع الطرق على الباب، وتتوقع سماع صوت مألوف بالنسبة إليك حين تفتح الباب، ويجعلك تتُفاجأ إذا كان هناك حدث متوقع وبشدة.
ولكنه لم يحدث في حين أنه قد يكون هناك مجموعة كبيرة من الأحداث التي لا تتوقعها أي أنك لا تنتظرها، ولكنك لا تُفاجأ حين تحدث. الأحداث تلك هي التي تعتبر طبيعية في المواقف التي تظهر فيها، رغم أنها ليست مرجحة بصورة كافية كي تتوقعها في نطاق الوعي. كيف نصدر الأحكام؟ لا يوجد حدود معينة لعدد الأسئلة التي يمكنك الإجابة عنها سواء أكانت الأسئلة تلك موجهة إليك من طرف آخر أم توجهها أنت إلى نفسك.
ولا يوجد حد لعدد الصفات أيضًا التي يمكنك تقييمها، فباستطاعتك المقارنة بين ارتفاع نافذة منزلك والنافذة التي تواجهها وتقييم الآفاق السياسية لأحد الزعماء السياسيين، وتصنيفها تدريجيًا بدءًا بالواعدة ووصولاً إلى الكارثية.
توجه تلك الأسئلة إلى النمط الثاني. الذي يركز على البحث عن الإجابات في الذاكرة- أما النمط الأول، فيعمل بصورة مختلفة، فهو يراقب باستمرار ما يحدث داخل وخارج العقل، ويقيّم باستمرار مختلف جوانب الموقف دون تركيز على جانب محدد وبمجهود بسيط أو دون جهد يُذكر. وتلعب التقييمات الأساسية تلك دورًا مهمًا فـي إصدار الأحكام البديهية لأنه من السهل استبدالها بأسئلة أكثر صعوبة.
تلك هي الفكرة الأساسية لمنهج الاستدلال والتحيز-وهناك سمتان أخريان للنمط الأول أيضًا تدعمان استبدال حكم بآخر. واحدة من السمتين هاتين هي المقدرة على ترجمة القيم من خلال أبعاد، وهذا ما تفعله هو حين تجيب عن السؤال التالي الذي يعتقد معظم الناس أنه سهل” هل يوازي طول سامي ذكاءه، وكم سوف يصبح طوله؟ وأخيرًا، هناك أسلوب عقلي استهدافي. يشير هو إلى أن رغبة النمط الثاني في الإجابة عن سؤال محدد أو تقييم سمة محددة من سمات الموقف تؤدي تلقائيًا إلى عمليات حسابية أخرى من ضمنها التقييمات الأساسية الأحكام السببية والإحصائية.
أظهرت واحدة إحدى الدراسات التي قد أجريت على مقاطعات الولايات المتحدة الامريكية البالغ عددها 3141 للتحقق من حجم ومدى انتشار. مرض سرطان الكلى نمطًا لافتًا للنظر، فأكثر المقاطعات انخفاضًا في حالات الإصابة ريفية، وتعدادها السكاني منخفض، وتقع في الولايات التي يحكمها الحزب الجمهوري. في الغرب الأوسط والجنوب والشرق. فما الذي نفهمه من كل ذلك؟
عقلك كان نشيطًا للغاية خلال ثواني القليلة الماضية. وتلك العملية تابعة في الأساس للنمط الثاني، فقد عمدت إلى البحث في ذاكرتك وايضا كونت إحدى الفرضيات، وقد تضمن الأمر كذلك قدرًا من المجهود والتركيز القابل للقياس. النمط الأول لم يكن عاطلاً في تلك الأثناء، إذ تعتمد عملية النمط الثاني على الحقائق والاقتراحات. التي استرجعت من الذاكرة الارتباطية. ومن المرجح بي أنك قد رفضت فكرة أن سياسات الحزب الجمهوري.
توفر الحماية من مرض سرطان الكلى. ومن المحتمل أنه انتهى بك المطاف. مركزًا على أن حقيقة ان المقاطعات التي تنخفض فيها نسبة الإصابة بهذا المرض السرطان. معظمها مناطق ريفية، ومن السهل ايضا والمغري استنتاج أن انخفاض في معدلات الإصابة من سكان المقاطعات الريفية بالسرطان سببها المباشر الحياة النظيفة التي يتميز بها الريف بطبيعة الحال حيث يعتبر الريف بشكل خاص لا يعاني من تلوث في الهواء أو الماء. ويتناول سكانه الطعام دون إضافة المواد الحافظة له ولعل هذا الاستنتاج منطقي للغاية.
دانيال كانمان
والآن دعونا ننتقل إلى المقاطعات التي ترتفع فيها نسب الإصابة بالمرض السرطان، فمعظمها ريفي، وعدد سكانها منخفض، كما أنها تقع في الولايات التي يحكمها الحزب الجمهوري في الغرب الأوسط والجنوب والغرب، تلك هي المفارقة! فمن السهل استنتاج ارتفاع معدلات إصابة سكان تلك المقاطعات. بمرض السرطان، قد يكون سببه المباشر حياة الأرياف الفقيرة حيث تغيب الرعاية الصحية السليمة.
مع تناول السكان الأغذية الدسمة وازدياد معدلات المدخنين فيما بينهم يوجد سبب ما لارتفاع أو حتى انخفاض نسب الإصابة بالمرض في طبيعًة الحال ولكن نمط الحياة الريفية ليس مسؤولاً عن ارتفاع أو انخفاض تلك النسب. العامل الاساسي هنا ليس أن في تلك المقاطعات. كانت ريفية أو جمهورية بل إن المقاطعات الريفية تعدادها السكاني منخفض والدرس المستفاد منه هنا لا علاقة له بعلم الأمراض بكل تأكيد بل إنه يرتبط بالعلاقة الصعبة بين عقولنا والإحصاءات.
يتسم نمط التفكير الأول. بأنه شديد المهارة والتميز، في شكل واحد من أشكال التفكير، فهو يربط بين الأحداث سببيًا بتلقائية ودون أدنى مجهود، حتى إذا كانت لا توجد صلة حقيقية بينها في بعض الأحيان، فعند سماعك إلى خبر المقاطعات تلك التي ترتفع فيها نسب الإصابة بالمرض، على الفور افترضت أنها تختلف عن غيرها لسبب ما، وأنه لا بد من وجود سبب ما يبرر هذا الاختلاف بينهم.
فنمط التفكير الأول لذلك لا يجيد التعامل مع الحقائق الإحصائية البحتة التي تغير احتمالات النتائج. ولكنها لا تتسبب في حدوثها. تختلف مشكلة الإصابة بسرطان الكلى. من مقاطعة إلى أخرى اختلافًا منهجيا فالتفسيرات الإحصائية المطروحة. عبارة عن نتائج مبالغ فيها (فيما يتعلق بارتفاع وانخفاض نسب الإصابة) ونسبة ظهورها تزداد في العينات الصغيرة عن العينات الكبيرة، وهذا التفسير ليس سببيًا، فانخفاض عدد سكان مقاطعة مالا يتسبب في الإصابة بمرض السرطان. ولا يحول دونها بل أنه يتسبَّب فقط في إظهار نسب الإصابة على أنها مرتفعة للغاية أو منخفضة للغاية عن النسب الموجودة في المقاطعات ذات التعدادات السكانية الأكبر.
لا يوجد تفسير لتفاوت تلك النسب في الحقيقة الخفية تلك، فمعدلات الإصابة بمرض السرطان لا ترتفع أو حتى تنخفض. عن الحد الطبيعي في المقاطعات ذات التعداد السكاني المنخفض، ولكنها تبدو كذلك فحسب في عام محدد بسبب الخطأ في مسح العينات-لذلك، إذا أُعيد نفس التحليل في العام الذي يليه، فستلاحظ ايضا نفس النمط العام من النتائج المبالغ فيها في تلك العينات الصغيرة، إلا أن المقاطعات التي قد ارتفعت فيها نسبة الإصابة في العام الماضي لن يظهر فيها ارتفاع في نسبة الإصابة بالمرض بالضرورة هذا العام.
وفي تلك الحالة لا يُنظر إلى الاختلافات التي ظهرت بين المقاطعات في نسب الإصابة ذات التعداد السكاني المرتفع والمقاطعات ذات التعداد المنخفض على أنها حقيقية، أنها تعتبر وفقًا493(السنة العشرون – العدد 19 – 2012) من الوظائف الأساسية للنمط الثاني مراقبة الأفعال والأفكار التي” يقترحها “النمط الأول والتحكم فيها ايضا، مما لبعضها سيسمح بالظهور بصورة مباشرة من خلال السلوك ويقمع بعضها أو يعمل على تعديلها.
على سبيل المثال استمع إلى اللغز التالي دون أن تحاول حله، بل استمع إلى بديهتك. تبلغ تكلفة المضرب الرياضي والكرة 1,10 دولار. ويزيد سعر المضرب عن الكرة بمقدار دولار، فكم يبلغ سعر الكرة؟ بعد أن استمعت إلى اللغز، ستجد أن الرقم 10 قد طرأ على ذهنك، أي أن تكلفة الكرة 10 سنتات، فالسمة المميزة لهذا اللغز السهل هي أن إجابته بديهية وجذابة ولكنها خاطئة-ولاكتشاف الخطأ، عليك بإجراء عملية حسابية لاحتساب الفرق.
فإذا كانت تكلفة الكرة 10 سنتات فستبلغ التكلفة الكلية 1,20 دولار (10 سنتات للكرة و1,10 للمضرب) أي أن التكلفة الكلية لن تصبح 1,10 دولار. لذلك، فالإجابة الصحيحة هي أن تكلفة الكرة تعادل 5 سنتات. من المفترض أن الإجابة البديهية التي قد طرأت أيضًا على ذهن هؤلاء الذين نجحوا. في التوصل إلى الإجابة الصحيحة في نهاية، وقد توصلوا إليها حين استطاعوا بطريقة ما مقاومة بديهتهم.
حان الآن وقت الإجابة عن هذا السؤال: إلى أي مدى يراقب نمط الثاني اقتراحات النمط الأول؟ من المعلوم هؤلاء الذين أجابوا بأن تكلفة الكرة تساوي10 سنتات لم يتحققوا من صحة إجاباتهم، وبالتالي اعتمد النمط الثاني الإجابة البديهية التي كان ليرفضها إذا استطاع بذل صاحب الحل مجهودًا بسيطًا. ومن المعلوم كذلك. هؤلاء الذين أجابوا اعتمادًا على بديهتهم لم يدركوا إشارة اجتماعية واضحة،
كان فقط يجب عليهم أن يتساءلوا عن سبب يرغب أي شخص في وضع سؤال بمثل تلك السذاجة داخل استقصاء. تقصيرهم في التحقق من الإجابة ملحوظ لأن تكلفة التحقق بسيطة للغاية، فعدد من الثواني المعدودة من التفكير. كان من شأنها أن يجنبهم مثل تلك الخطأ المحرج، لكن قد تبدو مسألة التفكير صعبة نسبيًا مع توتر العضلات والتركيز الشديد في «ابذل مجهودًا أقل» أثناء الإجابة.
ويبدو هؤلاء الذين أجابوا على ان تكلفة الكرة تساوي10 سنتات من الأتباع المتعصبين لقانون. أما هؤلاء الذين تجنبوا تلك الإجابة، فلديهم عقول أكثر نشاطًا خداع العقول– في كتابه” البجعة السوداء“ تعرض نسيم طالب لنظرية القصص الخادعة. كي يشرح عن الكيفية التي تشكل عليها قصص الماضي المزيفة. نظرتنا إلى العالم وتوقعاتنا حول المستقبل في أثناء محاولاتنا المستمرة لفهم العالم. لا بد أن تظهر تلك القصص. وتتسم تلك الروايات التفسيرية. التي نشعر بأنها مقنعة بكونها بسيطة وملموسة أكثر منها مجردة، كما أنها تسند دورًا كبيرًا إلى الموهبة.
ومستوى الذكاء والنوايا وليس الحظ، وتركز على القليل من الأحداث اللافتة التي وقعت، وليس على أحداث لم تحدث لا حصر لها فقًال طالب أي حدث بارز من الممكن أن يصبح نواة لـقصة تفسيرية. فهو يشير إلى أننا نخدع أنفسنا حين نحيك قصصًا ملهمة حول الماضي. ثم نصدقها تقدم تلك القصص المحبوكة تفسيرات بسيطة ومقنعة. حول أفعال البشر ونواياهم فنحن دائمًا على استعداد لتفسير السلوكيات كدليل. على ميولنا العامة وصفاتنا، وهي أسباب يمكننا بسهولة مضاهاتها بالنتائج.
ويساهم الأثر الذي تخلقه الجاذبية الشخصية التي تطغى على أحداث او ابطال تلك القصص. في إقناعنا بها، لأنها تجعلنا نميل إلى مقارنة وجهات نظرنا. حول جميع سمات شخص ما بحكمنا على سمة محددة بارزة من سماته. وبالتالي إن اعتقدنا على أن أحد لاعبي كرة القدم وسيم ورياضي فمن المحتمل أن نعتبره أيضًا أفضل لاعب، ولتلك الجاذبية أيضًا أثر سلبي، فإذا اعتقدنا أن أحد اللاعبين دميم فننظر إلى قدراته الرياضية على أنها متدنية.
تساعد الشخصية الجاذبية على الحفاظ على بساطة ومنطقية القصص التفسيرية. من خلال المبالغة في اتساق التقييمات: فالطيبون في تلك القصص صالحون على طول الخط، أما الأشرار فطالحون على طول الخط. بالتالي نشعر بالصدمة إذا سمعنا أن شخصًا شريرًا يحب الأطفال ويحب الحيوانات. مهما بلغ عدد مرات استماعنا إلى تلك المعلومة، لأن أي لمسة حنان يظهرها. ستخالف توقعاتنا التي كونها عنه تأثرًا بمدى جاذبيته، كما أن عدم الانصاف في تقييمه يشوش أفكارنا ومشاعرنا العواقب الاجتماعية للإدراك المتأخر.
يعتبر العقل الذي يختلق الروايات حول الماضي. عضوًا مفكرًا فحين يقع حدث غير متوقع، سرعان ما نعدل نظرتنا إلى العالم كي نتكيف مع تلك المفاجأة، تخيل على أنك تشاهد مباراة كرة قدم. بين فريقين لدى كل فريق منهم نفس عدد مرات الفوز والخسارة. فبعد انتهاء المباراة وفوز أحدهما على الآخر.
ستراجع نظرتك إلى العالم لأنك الآن سوف تعتقد أن الفريق الفائز. هو أقوى كثيرًا من الفريق الخاسر، وبالتالي، فتستبدل نظرتك إلى الماضي وكذلك المستقبل بفضل هذا التصور الجديد. والفكرة في أن التعلم من المفاجآت أمر مقبول، ولكنه قد يكون له بعض العواقب الخطيرة.
من ضمن أوجه القصور العامة للعقل البشري عجزه عن إعادة تشكيل معارفه حول الماضي، أو اعتقاداته التي طرأ عليها التغيير فبمجرد أن يتبنى المرء نظرة جديدة إلى العالم (أو إلى أي جزء منه)، في الحال يفقد جزءًا كبيرًا من قدرته. على تذكر اعتقاداته القديمة. يعكف العديد من علماء النفس إلى الآن. على دراسة ما يحدث حين يغير الناس آراءهم.
فعلى سبيل المثال: العالِم يختار الذي يجري التجربة موضوعًا لا يوجد رأي قاطع حوله كعقوبة الإعدام ويعمد إلى قياس سلوكيات البشر اتجاه هذا الموضوع بحرص وبعد ذلك توجه إلى المشاركين رسالة مسموعة او مرئية لإقناعهم بتلك الفكرة أو معارضتها ثم يقيس العالِم سلوكيات أفراد التجربة من جديد.
التفكير بسرعة وببطء Goodreads
تظهر وفي العادة، سلوكياتهم استجابة للرسالة التي استمعوا إليها. وفي النهاية يتحدث أفراد التجربة عن آرائهم السابقة حول عقوبة الإعدام وقد يشعروا بأن تلك المهمة تعتبر صعبة. لأنهم أعادوا تشكيل تلك الآراء مما يجعلهم يسترجعون آراءهم الحالية بدلاً من السابقة أي أنهم يجرون عملية إحلال وتبديل ويذهل الكثيرون منهم من أنهم كان لديهم الشعور مختلف. اتجاه تلك المسألة من قبل البديهة مقارنة بالصيغة الثابتة فلنفترض. أنك صاحب شركة وبحاجة إلى توظيف مندوب مبيعات.
فإذا رغبتك كانت جادة في تعيين أفضل شخص في هذا المنصب فهذه هي مهمتك التي يجب عليك أن تعمل من أجلها. اختر أولاً، بعض الصفات اللازمة. والمطلوبة للنجاح في هذا المنصب كالمهارة الفنية والمسؤولية والموثوقية وما إلى ذلك. ولكن لا تبالغ في عدد الصفات المطلوبة، بعض الصفات تكفي-كل صفة من تلك الصفات يجب أن تكون مستقلة عن الأخرى قدر الإمكان، كما يجب أن تشعر بأنك تستطيع حقًا تقييمها.
من خلال بعض الأسئلة العملية عليك بعد ذلك بإعداد قائمة بتلك الأسئلة والسمات التي ترمز إليها وايضا التفكير في كيفية توزيع الدرجات المناسبة عليها. يمكنك على سبيل المثال، تخصيص خمس درجات لخمسة أسئلة وينبغي أن تكون لديك الفكرة عما يمكنك أن تعتبره جيدًا جدًا أو ربما سيئًا جدًا في أثناء عملية التقييم.
ستستغرق تلك الإعدادات نصف ساعة من وقتك تقريبًا لذلك فيها استثمار صغير لتحقيق نجاح كبير. في جودة الموظفين الجدد. ولكي تتجنب التأثر بالجاذبية الشخصية، من الضروري أن تجمع معلومات حول الصفات التي اخترتها كي تخصص لها الدرجات واحدة تلو الأخرى، ولكن لا تتعجل في التقييم. ولأنك مسؤول عن القرار النهائي،
يجب ألا تغض الطرف عن أي شيء اتخذ قرارًا صارمًا أنك توظف المتقدم الذي يحرز درجات أعلى حتى إذا كنت تفضل متقدمًا آخر، حاول أن تقوِّم رغبتك في اختلاق حجة لتبديل ترتيب المتقدمين. هناك عدد ضخم من الأبحاث الواعدة في هذا الصدد، والتي تشير إلى أن احتمال أنك قد تعثر على المتقدم الأفضل، إذا استخدمت هذا الإجراء.
يفوق احتمال أن تعثر عليه إذا فعلت ما يفعله عادةً الناس في مثل هذا الموقف، حيث إنهم يذهبون إلى المقابلة وهم غير مستعدين، ويتخذون قراراتهم حيال المتقدمين بالاعتماد التام على أحكامهم البديهية لذلك تجدهم يقولون على إنهم” شعروا بأن هذا هو الشخص المناسب بديهة الخبراء: متي نستطيع أن نثق بها؟ ثقة الناس بـبديهتهم ليست دليلاً سليمًا على صحة آرائهم. بعبارة أخرى: لا تثق بأي شخص، ولا حتى نفسك في الحكم على الأشياء- إذا كنا لن نثق في حكمنا الشخصي على الأشياء. فكيف نستطيع ان نقيم احتمال صحة أحد أحكامنا البديهية؟ متى تعكس أحكامنا خبراتنا الحقيقية؟ ومتى ننخدع حول صحتها؟
ترتبط إجابة الأسئلة السابقة بشرطين أساسيين لاكتساب المهارة: توافر بيئة منتظمة بدرجة كافية لكي نستطيع التنبؤ بها. وجود فرصة للتعلم من هذا الانتظام من خلال الممارسة المستمرة-عندما يتحقق هذان الشرطان، من الممكن صقل البديهة. فــ الشطرنج، على سبيل المثال لعبة بيئتها منتظمة للغاية، ولكن كغيره من الألعاب أيضًا. يقدم إحصاءات سليمة منتظمة يمكنها أن تصقل تلك الموهبة.
الأطباء والممرضون والرياضيون والإطفاءين. يواجهون أيضًا مواقف صعبة ولكنها منتظمة بطبيعتها تتحقق البديهية الدقيقة وذلك من خلال إشارات السليمة من تلك التي تعلم النمط الأول. للعقل الخبير استخدامها، حتى إذا كان النمط الثاني. لا يستطيع إطلاق اسم عليها-وعلى عكس ذلك، يعمل مستشارو الأسهم والعلماء والسياسيين في بيئة لا يمكن التحقق منها على الإطلاق. وفشلهم يعكس طبيعة تلك الأحداث التي يحاولون التنبؤ بها والتي يعتبر توقعها أمرًا مستحيلاً.
توجد بيئات أسوأ من البيئات غير المنتظمة، ومن الممكن وصف تلك البيئات بأنها” فاسدة“ فمن المحتمل أن يتعلم المحترفون الدروس الخاطئة. من خلال خبراتهم التي يكتسبونها من خلالها-ومن الأمثلة على ذلك حالة طبيب ينتمي إلى القرن العشرين. كانت لديه عادةً أفكار بديهية حول المرضى. الذين كانوا على وشك الإصابة بالتيفويد. ولسوء الحظ، اعتاد الرجل أن يختبر الإحساس الداخلي للمريض بالكشف على لسانه باللمس.
ولم يكن يغسل يده بين الكشف على مريض وآخر. وحين أصيب المريض بالمرض واحدًا تلو الآخر شعر الطبيب بنجاحه الطبي المؤكد. كانت تنبؤاته دقيقة ولكن ليس السبب في ذلك ممارسته للبديهة المهنية. نمطا تفكيرنا يعبران عن جانبي ذواتنا. نمط تفكيرنا الثاني المنتبه يشمل نظرتنا إلى أنفسنا. ويصدر هذا النمط الأحكام كما يتخذ القرارات ولكنه غالبًا ما يصادق على الأفكار التي ابتكرها النمط الأول أولاً.
قد لا تعلم أنك متفائل بأحد المشروعات لأن شيئًا ما في مديره يذكرك بأختك الحبيبة وقد تكره أحد الأشخاص لوجود شبه ما بينه وبين طبيب أسنانك. وإذا سُئلت عن تفسير ذلك، فستفتش في ذاكرتك عن أسباب مقبولة. وستجد انه صُمم أي النمط الأول، كي يقفز إلى الاستنتاجات استنادًا إلى أدلة ضعيفة، كما أنه لم يصمَّم لمعرفة حجم تلك القفزات.
كل ما يهمه هو الأدلة التي بين يديه، ولأن الاتساق يدعم الثقة فإن ثقتنا الوهمية التي نضعها في آرائنا تعكس اتساق القصة التي حاكها النمطين الأول والثاني. أما كم الأدلة وجودتها، فلا يلعبان دورًا كبيرًا لأن الأدلة الضعيفة قد تتشكل من خلالها قصة شديدة الحبكة، فليس لدينا دليل على الإطلاق فيما يتعلق ببعض من اعتقاداتنا بالغة الأهمية.
فيما عدا أن أحباءنا موضع ثقتنا لديهم نفس الاعتقادات. وبالمقارنة بكم معلوماتنا الضئيل، فإن ثقتنا في اعتقاداتنا غير منطقية ولكنها أيضًا ضرورية. بعض منها بالتأكيد ولكنك ستصدق تلك القصة التي اختلقها ولا يلعب نمط الثاني دور المدافع عن نمط الأول. وحسب فهو أيضًا يمنع التعبير الصريح عن العديد من الأفكار الحمقاء والبواعث غير المناسبة- ويحسن استثمار تركيز الأداء فـي العديد من الأنشطة، كقيادة السيارة على طريق ضيق حين يكون العقل شاردًا، كما أنه ضروري لإنجاز بعض المهام، ومن ضمنها المقارنة والاختيار والتفكير المنظم.
النمط الثاني ليس نموذجًا مثاليًا للعقلانية فقدرته محدودة وكذلك المعلومات التي يمكنه الوصول إليها وذلك لأننا لا نفكر بأسلوب مباشر دائمًا. كما أن أخطائنا ليست دائمًا نتاجًا لبديهتنا الفضولية الخاطئة، بل إننا نرتكب الأخطاء لأننا (أي نمطنا الثاني) لم نكن نعرف تصرفًا أفضل مما أقدمنا عليه. والنمط الأول هو مصدر الكثير من أخطائنا، كما أنه أيضًا مصدر أفعالنا السليمة، والتي تشكل معظم سلوكياتنا، إذ تتحرك أفكارنا وأفعالنا بصورة روتينية من خلال النمط الأول.
الذي يحركها بشكل عام في الإطار الصحيح. ومن عجائب هذا النمط أنه يجعل ذاكرتنا الارتباطية. تحتفظ بنموذج عالمنا الغني المليء بالتفاصيل، والذي يميز الأحداث. التي تعتبر عادية من المفاجآت في أقل من الثانية الواحدة، فـيشكل في الحال فكرة عما كان يجب أن يحدث بدلاً من المفاجأة، ثم يبحث بتلقائية عن تفسير سببي منطقي لتلك المفاجآت والأحداث.
تم جلب هذا الكتاب من موقع archive.org على انه برخصة المشاع الإبداعي أو أن المؤلف أو دار النشر موافقين على نشر الكتاب فيحالة الاعتراض على نشر الكتاب الرجاء التواصل معنا
إرسال تعليق